كلمة مكة

التشنج الأمريكي

كلمة مكة

يتسم موقف السعودية ببياناتها الرسمية بالموضوعية، والنظر إلى العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية من منظور استراتيجي، يقوم على الحوار البناء، والاحترام المتبادل لسيادة الدول .
في حين تتسم المواقف الأمريكية خاصةً الصادرة عن بعض أعضاء الكونجرس مؤخرًا بالتشنج والتصادم، وتمادي الساسة في واشنطن في انتهاج هذا الأسلوب مع حليف استراتيجي، سيهدد العلاقات التاريخية التي استمرت لثمانية عقود مع حليف استراتيجي بثقل السعودية .
سياسة الابتزاز وفرض الأمر الواقع الذي ترغبه الولايات المتحدة فقد صلاحيته وتجاوزه الزمن، وهذا في الغالب سبب حالة الإنكار التي تعيشها واشنطن بعد صدمة الحرب الروسية الأوكرانية؛ مما يحمل الإدارة الأمريكية على تبني مواقف لا تخدم مصالحها الآنية ولا الاستراتيجية.
لا شك أن الخيارات المتاحة أمام السعودية تفوق بكثير الخيارات المحدودة لإدارة بايدن، وكان الأولى إعادة النظر في سياساتهم الخارجية التي أوصلت العلاقات الدولية إلى أزمة تُعيد لنا ذكريات الحربين العالميتين؟! وتتحمل أمريكا المسؤولية الكبرى عن اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا مما يهدد السلم والأمن الدوليين، وإصرار واشنطن على إعطاء الأولية لنتائج الانتخابات القادمة، وتقديم المصالح الحزبية على المصالح العليا للأمة الأمريكية؛ سوف يوصلها إلى عواقب كارثية !
ومن جملة الأخطاء الاستراتيجية التي ترتكبها الإدارة الحالية استمرار الضغط على السعودية مما قد يُجبرها على خيار الانحياز إلى المعسكر الشرقي الذي بدأ يتبلور في مواجهة أمريكا ومن سيتبقى معها؟

حتى الآن يبدو جليًا أن إدارة بايدن فشلت فشلًا ذريعًا في إدارة الأزمة المتصاعدة وتداعياتها، وانعكس ذلك على حلفائها في العالم والمنطقة؛ بسبب رغبتها الإمبريالية في الخروج رابحة وحدها! وهذا التوجه الراديكالي سيكلفها كثيرًا، وفي المقابل يبدو أن الروس يقرأون المشهد ويتصرفون بشكل أفضل، وهم يراهنون على عامل الوقت، وكان تصريح بوتين الأخير بأنه سيحافظ على مستويات أسعار الطاقة حتى 2025 يؤكد أن الحرب ستطول، والأيام القليلة القادمة حبلى بالمفاجأت، وأن الأسوأ لم يأتِ بعد؟

إن البيان الأخير للخارجية السعودية يضع النقاط على الحروف، ويسد الطريق أمام من يريدون الاصطياد في الماء العكر، ويقفزون على الحقائق، ويسعون إلى تصفية حساباتهم مع السعودية متجاهلين أن مراكب واشنطن بهذه السياسة غير الحكيمة تحترق يومًا بعد يوم، لا سيما وأن الإعلام الأمريكي المتزن حمّل الرئيس جو بايدن فشل مواقفه بسبب سياسته الخاطئة مع الحليف الأقوى والأكثر أمانًا وضمانًا عبر العقود الثمانية..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى