المقالات

يوم التأسيس .. يوم المجد

الأمم الحية – والحية فقط- هي التي تعرف تاريخها جيداً لكي تستكشف من خلاله حاضرها، ومن ثم تبني مستقبلها الزاهر، وقد عبر عن هذا المعنى ثعلب السياسة الأمريكية الأشهر “هنري كيسنجر” عبر مقولته الكاشفة: “التاريخ منجم زاخر بالحكمة التي قد تجد فيها المفاتيح الذهبية لمشاكل حاضرنا”.
ومن هذا المنطلق، كانت خطوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله- الفذة والرائدة في 27 يناير 2022م بالاحتفال بـ “يوم تأسيس الدولة السعودية”، والمقصود به الاحتفال بتأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود – رحمه الله- وعاصمتها الدرعية، وذلك بتاريخ 30 من جمادى الآخرة عام 1139هـ، الموافق 22 فبراير 1727م.
وفي هذا السياق، نصَّ الأمرُ الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- على تحديد يوم 22 فبراير من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى، وأن الاحتفاء به يأتي “اعتزازاً بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة، وارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها منذ عهد الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون، وبداية تأسيسه في منتصف عام 1139هـ (1727م) للدولة السعودية الأولى التي استمرت إلى عام 1233هـ (1818م)، وعاصمتها الدرعية ودستورها القرآن الكريم وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وما أرسته من الوحدة والأمن في الجزيرة العربية، بعد قرون من التشتت والفرقة وعدم الاستقرار، وصمودها أمام محاولات القضاء عليها، إذ لم يمضِ سوى سبع سنوات على انتهائها حتى تمكن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود عام 1240هـ (1824م) من استعادتها وتأسيس الدولة السعودية الثانية التي استمرت إلى عام 1309هـ (1891م)؛ وبعد انتهائها بعشر سنوات، قيض الله -عز وجل- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود عام 1319هـ (1902م) ليؤسس الدولة السعودية الثالثة ويوحدها باسم المملكة العربية السعودية، وسار أبناؤه الملوك من بعده على نهجه في تعزيز بناء هذه الدولة ووحدتها”.
ويحدثنا التاريخ أن الدولة السعودية الأولى شهدت قدراً لافتاً من تنظيم الموارد الإقتصادية، والتفكير في المستقبل، حيث كان الإمام محمد بن سعود يحب الخلوة والتأمل والتفكر، كما تم في هذا العهد بناء حي جديد في سمحان وهو حي الطرفية والانتقال إليه بعد أن كان حي غصيبة هو مركز الحكم لفترة طويلة.
وخلال عهد الإمام محمد بن سعود – ومن بعده من الأئمة- أصبحت مدينة الدرعية عاصمة لدولة مترامية الأطراف، ومصدر جذب اقتصادي واجتماعي وفكري وثقافي، واحتضنت على ترابها معالم أثرية عريقة مثل: حي غصيبة التاريخي، ومنطقة سمحان، وحي الطريف الذي وُصف بأنه من أكبر الأحياء الطينية في العالم وتم تسجيله في قائمة التراث الإنساني في منظمة اليونسكو، ومنطقة البجيري وسوق الدرعية، إضافة إلى أن النظام المالي للدولة وصف بأنه من الأنظمة المتميزة من حيث الموازنة بين الموارد والمصروفات.
كما هاجر كثير من العلماء إلى الدرعية من أجل تلقي التعليم والتأليف الذي كان سائداً في وقتها مما أدى إلى ظهور مدرسة جديدة في الخط والنسخ.
ولأن قيادة المملكة الرشيدة – أيدها الله- حريصة كل الحرص على الاحتفال بيوم التأسيس المجيد، علينا جميعاً أبناء هذا الوطن المعطاء أن نستذكر تاريخنا جيداً في طريقنا نحو بناء المستقبل الزاهر عبر “رؤية المملكة 2030” الفذة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
وكل عام ومليكنا العزيز وولي عهده الأمين – حفظهما الله- والشعب السعودي النبيل بألف خير.

– عضو مجلس إدارة شركة حجاج أفريقيا غير العربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى