المقالات

د. عبد الرحمن خوقير.. وداعاً أخ وصديق العمر

نادرون للغاية أولئك الذين يمرون في حياتنا ويصدق عليهم المثل الشهير: “رب أخ لم تلده أمك”، وياللحزن والألم الذي يعتصر القلب وتعجز الكلمات عن وصفه حين يرحلون عن عالمنا، وكأن الزمن قد توقف فجأة، ودارت بنا الأرض، إلا أن رحمة الله بنا واسعة حين يقول – تعالى- في كتابه العزيز: “وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ” (البقرة: 156).
عن أخي وصديق عمري عميد آل خوقير.. د.م. عبدالرحمن محمد نور خوقير “أبو فراس”.. والذي انتقل إلى جوار ربه مؤخراً أتحدث، بينما يمر بي معه شريط ذكريات عزيزة لا تُنسى على مدار أربعين عاماً، منذ أن اقترنت بزوجتي “أم الوليد”، فهو ابن خالها، ومن ساعتها أكرمني الله به.. أخاً وصديق عمر.. قلّ أن يوجد نظير له في رحلة الحياة.
طوال تلك السنوات الطويلة، لا أكاد أذكر أنه قد مر يوم أو يومين على الأكثر ولا نتواصل، سواءً تليفونياً أو باللقاء المباشر، وكان آخرها مكالمة هاتفية جمعتنا قبيل وفاته بيومين فقط. ولا أنسى أبداً مدى اللهفة والقلق الذي ينتابه إذا فصل جوالي لأي سبب، إذ لا يهدأ أبداً حتى يصل إليّ، سواء بالقدوم إلى المكان الذي أنا فيه أو عبر التواصل هاتفياً عبر أحد أبنائي.
لقد جمع “أبو فراس” – رحمه الله- من الصفات الحسنة ودماثة الخلق ما يندر تكراره، كما أشهد أمام الله أنه كان سباقاً إلى فعل الخير وإغاثة الملهوف ومساعدة الغريب قبل القريب وصلة الرحم بما لا يمكن حصره.
وكثيراً ما جمعتنا صحبة مباركة بالصلاة في البيت العتيق في رحاب الكعبة المشرفة، فضلاً عن رحلات مباركة إلى المدينة المنورة لزيارة حبيبنا الصطفى – صلى الله عليه وسلم-، حيث الهدوء والسكينة وراحة النفس.
وأتذكر
في تجمعاتنا العائلية باستراحته العامرة بمكة المكرمة، والتي كان يحرص عليها تأكيداً لصلة الرحم تأسياً برسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم-، كان “أبو فراس” يضفي على الجميع أجواءً جميلة من المحبة والسكينة، والنقاش الهادئ المتزن، بصوته الخفيض وبمنطقه المقنع وسعة صدره.

صدقاً.. الكلمات لا تسعفني للتعبير عن مصابنا الجليل برحيل د. عبد الرحمن خوقير، وربما أدركت الأن مقولة “ابن الرومي” في رئاء ابنه: “لم يخلق الدمع في المرء عبثاً// الله أدرى بلوعة الحزن”، غير أن السلوى تحضر عبر قول شاعر آخر إذ يقول: “حكـــــمُ المنيةِ في الخلائقِ جاري// ما يبقى غيرُ الواحـدِ القهـــــارِ”.
رحمك الله أبا فراس، وأدخلك فسيح جناته، وألهمنا الصبر والسلوان، والعزاء الحار للدكتور/ فراس وشقيقته ووالدتهم وإخوانه الكرام .. “إنا لله وإنا إليه راجعون”.

• عضو مجلس إدارة شركة إثراء الضيافة القابضة

خالد محمود علوي

كاتب - عضو مجلس إدارة شركة مطوفي حجاج الدول الأفريقية غير العربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى