المقالات

سوريا .. والحل السياسي

تعد الثورات بركان مستعر يحرق بنيرانه الشجر والبشر والمدر، كما يدمر المنازل والمدن بلهيب حارق وغبار خانق، ولأنها صناعة غربية بأيدي غبية عربية قلبت ظهر المجن فيما يعرف لدى الساسة بـ ( الفوضى العارمة) التي أرادوها أن تكون أداتهم الحادة المسمومة للقتل والتشريد والفتك والتهجير لتدمير كل جميل في البلدان العربية لتفكيك البنية المجتمعية وإحداث تغيير ديموغرافي وتفتيت الدولة الواحدة لدويلات متناحرة عرقيا أو مذهبيا في إطار مشروع محاربة الدين وشيطنة المتدينين ووصم كل من يعتنق الإسلام بالإرهاب لتشويه صورة الإسلام، باختلاق جماعات متطرفة، ونشر الرذيلة وتعميم المثلية ونزع حجاب العفة والفضيلة!!

ولأن سوريا البلد العربي الذي يعد أحد ركائز القوة وعضو الجامعة العربية فإنه كان ضمن مستهدفات التدمير، ومن قبل مصر، كما فعل بأشياعهم (ليبيا والعراق ولبنان) فيما كان يهدف المشروع لتفتيت الدول العربية بأسرها لتكون لقمة سائغة لمشروع الشرق الأوسط الجديد المزعوم، يمكرون ويمكر الله!!

وبالفعل نجح تخطيطهم في إحداث ذلك الانقسام بزرع عملاء وخونة صدقهم سذج يسهل انقيادهم أو التغرير بهم تحت شعارات زائفة تدعي المظلومية أو تنشد الحرية، وكلاهما طريق هلاك لهوة سحيقة لا يعرف مداها، سوى أن تردي في الغي والضلال المبين، لما فيها من مخالفة شرعية، إذ يعد الخروج على الحاكم عصيان صارخ لأمر الله ورسوله، وبالتالي عدم الامتثال والاحتكام للشرع في قضايا الأمة!
كانت فرصة سانحة انتهزها أولئك المتاجرون بالدين، الذين منحوا أنفسهم الوصاية، لاعتلاء منابر الإعلام في ثائرة إخوانية شريرة، استغلوا من خلالها العاطفة الدينية، باسم الدين، المناصرة، الدعوة لجمع التبرعات، الخروج للجهاد – كما يزعمون – إذ غرروا بالعديد في تجييش غير منضبط ليذهب ضحيته الكثير، أو ليرتد بفكر مسموم تجرعت الأسر والوطن ويلاته ما بين قتل وتكفير وتفجير!!!

إنها الفتنة، والفتنة أشد من القتل، وهذا حال المارقين من الدين {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّىٰ جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة : 48]

ولأنها جريمة مركبة أرتكبها ( الأخونج) إذ كانوا عونا للأعداء في إحداث فتنة كبرى تكبد أثارها المواطن العربي في سوريا وغيرها من البلدان؛ قتلا وتدميرا وتهجيرا؛ فإنها ستظل وصمة عار في جبين أولئك الذين تاجروا بقضايا الأمة من أجل الحصول على الثراء، فيما يعيشون وأسرهم في رفاهية ورغد عيش!!

ولأن المملكة العربية السعودية تستشعر الدور المنوط بها تجاه قضايا الأمة ولملمة شتاتها وتقوية شوكتها لتعود تلك البلدان لسابق عهدها كوحدة ومنعة في إطار القومية العربية والبوتقة الإسلامية، لذا كثفت جهودها الدبلوماسية لإعادة سوريا كدولة ذات سيادة وفرض سيطرة على كامل أراضيها لتنفض عنها كل دخيل أو طامع، وليعود المهجرون وأصحاب الأرض لوطنهم، بناء ونماء، إذ هم أحق بالعيش في كنف وطنهم، لينعموا بخيراته ويحظوا بدفئه الحاني بدلا من التشرد في المهجر؛ كغرباء في أصقاع شتى!!
ولعلنا نرى سوريا كما كانت عطاء مدرارا وخيرا وفيرا وأمنا وارفاً!!
و من هذا المنطلق فإن قيادتنا المباركة بما تتمتع به من حكمة وبعد نظر وسياسة راسخة متزنة ترى في استتباب الأمن في الدول العربية ضرورة قصوى لتحقيق التكامل؛ كقوى محيطية تتناغم في منظومة الجامعة العربية، لذا حققت نجاحات مبهرة شكلت صفعة مدوية لإفشال المخططات المزعزعة لتلك الدول التي جعلت من دول المنطقة سوقا رائجا لسباق التسلح لتعيش حالة قلق في ظل توتر وترقب وتنافس محموم؛ بدلا من البناء المعرفي والتنموي الذي تتقدم به الأمم وتنهض وتقوى به شوكتها!!

وها قد حان الوقت لفرض حالة السلام والاستقرار لمنطقتنا العربية والشرق أوسطية لتتضافر الجهود وتتكامل القوى ويعم الخير والأمن شعبنا العربي في ظل حكومات ذات شرعية وموثوقية ترعى مصالحه وتعمل لرفاهيته وتقدمه!
وهذا ما يؤكد براعة و ذكاء السياسة السعودية بدءاً بعقد اتفاقيات مصالحة وإعادة العلاقات مع إيران و من ثم الهدنة اليمنية وها هي تحط قافلة السلام في رحاب سوريا.

شكرا لهذا الجهد المبارك ولهذا الحراك الميمون الذي يمهد لسلام أقليمي ببصمات سعودية طابعها الخير والوفاق، الأمن والاستقرار!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى