
يُعتبر الملك خالد بن عبد العزيز -يرحمه الله- رائد التعاون الخليجي، ففي مثل هذه الأيام قبل أربعة وأربعين عامًا تقريبًا، تحديدًا في يوم السبت 21/ 7/ 1401 هـ تم الإعلان التاريخي عن تأسيس مجلس التعاون الخليجي، بحضور قادة الدول الست في أبو ظبي، بعد عقد مؤتمر وزراء خارجية الدول الخليجية الست: السعودية والكويت والإمارات، وقطر والبحرين وعمان في الرياض في 27/ 3/ 1401هـ الموافق 4 فبراير 1981م، والذي تم خلاله الاتفاق على إنشاء مجلس التعاون، وكان الملك خالد المحرك الرئيسي لمجلس التعاون الخليجي في عام 1981م.
ويرى البعض أن دور الملك خالد في تأسيس مجلس التعاون الخليجي يُعتبر امتدادًا لمساهمات عديدة قام بها جلالته، ودعمه لها شخصيًا، فقد دعم جلالته بقوة إنشاء هذا الكيان وهو ما يتمثل في جولته التي قام بها لخمس دول خليجية في وقت واحد ولقيت اهتمامًا سياسيًا دوليًا من جميع الدوائر العالمية باعتبار أن المملكة تُشكل ثقلًا سياسيًا واستراتيجيًا في العالم، وقد كان لتلك الجولة أثرها بما وجدته تلك الدول من أهمية لوحدتها واصطفافها في صف واحد، والدفاع عن مصالحها وأمنها بشكل مشترك.
وتجلى اهتمام القيادة السعودية بمجلس التعاون منذ تلك القمة؛ حيث عبر جلالة الملك خالد بن عبد العزيز – رحمه الله – عمَّا يحمله من رؤية ثاقبة تجاه إنشاء هذا الكيان بقوله – رحمه الله -: “إننا نتطلع أن يكون هذا التجمع لخير الأمة الإسلامية”.
ويُعود الفضل إلى الملك خالد في إحداث التقدم الكبير والنوعي في المملكة وعلى الصُعد كافة، إذ ارتفعت في عهده العائدات النفطية للسعودية، الأمر الذي انعكس على تقدم الحياة الاقتصادية، ودعم أجهزة الدولة، كما تم تدشين كبرى الشركات؛ كالشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، وست وزارات جديدة، بالإضافة إلى تسعة مراكز إدارية وعلمية من أبرزها: الهيئة الملكية للجبيل وينبع. افتتحت بعهده ثلاث جامعات: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وجامعة الملك فيصل بمحافظة الأحساء، وجامعة أم القرى في مكة المكرمة، وشهدت رواتب موظفي الدولة زيادة كبيرة. ارتفعت على إثرها حال المعيشة للمواطنين، وتسمى فترة حكم الملك خالد بـ (عهد الطفرة أو عهد الخير)، حيث ارتفعت المداخيل وعم الرخاء البلاد، وبدأت المملكة مرحلة جديدة في مسيرتها التنموية المباركة.
وقد مكَّن النمو الاقتصادي المملكة من تقديم المعونات المادية للدول المحتاجة والنامية، وساهم مع مكانتها الدينية والعربية في تكوين ثقل سياسي مكنها من لعب دور بارز في حل النزاعات وتحقيق الأمن والاستقرار في العالمين العربي والإسلامي.
وشهد عهد الملك خالد العديد من الأحداث العربية والإقليمية الهامة كاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، واندلاع ثورة الخميني، والحرب العراقية- الإيرانية. وتصرفت المملكة في تفاعلها مع هذه الأحداث بحكمة وعقلانية، وقام الملك خالد بدور كبير في محاولة تحقيق المصالحة بين الأطراف اللبنانية المتصارعة، وتحقيق المصالحة بين مصر وسوريا. كما شهد عهده فتنة المدعو جهيمان، حيث تمكن من إخماد تلك الفتنة بعون الله وتوفيقه وبتوجيهاته للجهات المسؤولة والأمنية التي نجحت في تطهير الحرم المكي، والقضاء على الفتنة بمهنية عالية واقتدار.
رحم الله جلالة الملك خالد بن عبد العزيز الذي خدم دينه ووطنه وشعبه بكل ما يملك من جهد وبكل التفاني والإخلاص.