طلاليات
الوفاء بالعهد من وصايا الله تعالى لعباده، وهي أعظم الوصايا وأنفعها: ﴿وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾. أهل الوفاء هم أصحاب العقول الراجحة؛ لأنهم عملوا بما ينفعهم من الوفاء بالعهود، وجانبوا ما يضرهم من نقضها: ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ﴾. الله تعالى مطلع على الموفين بعهودهم وعلى الناكثين لها: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾.
المملكة العربية السعودية وقفت مواقف مشرفة مع القضية الفلسطينية ودفعت بكل ثقلها، برجالها وأموالها، في جميع المواقف الدولية منذ عهد الملك المؤسس إلى هذه اللحظة. المواقف تشهد بذلك، والتاريخ يشهد، والمنصفون يشهدون.
كم نصحت المملكة أبناء القضية الواحدة بتوحيد الجهود لصالح قضيتهم، وكم جمعتهم في السعودية وحاولت رأب الصدع ورمي المصالح الشخصية خلف الظهور، وجعل المصلحة الوطنية هدفهم وغايتهم.
من أبرز هذه الجهود:
اتفاق مكة بين حماس وفتح، وهو اتفاق وقع في مدينة مكة في 8 فبراير 2007م بعد مداولات استمرت يومين. تم الاتفاق على إيقاف أعمال الاقتتال الداخلي وتشكيل حكومة وحدة وطنية، برعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. شارك في المداولات العديد من الشخصيات الفلسطينية من الطرفين (فتح وحماس)، وكان من بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والنائب محمد دحلان (فتح)، ورئيس الوزراء إسماعيل هنية، وخالد مشعل من ( حماس).
ورغم أجواء التفاؤل الكبيرة التي رافقت التوقيع على الاتفاق، بقي التوتر موجودًا في الأسابيع التي أعقبته، حتى انهار الاتفاق بعد أحداث منتصف يونيو 2007 في قطاع غزة، والتي انتهت بسيطرة حركة حماس على القطاع.
فشلت الاتفاقية في توحيد السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومة حماس في قطاع غزة. لاحقًا، تم توقيع اتفاقية أخرى في الدوحة عام 2012، وتم التصديق عليها في مايو 2012م في القاهرة. لكن الاتفاقين فشلا في تحقيق الوحدة، إذ جرت الانتخابات المحلية الفلسطينية لعام 2012 في أكتوبر دون مشاركة سكان غزة.
وهذا مثال على أشياء كثيرة كانت حركة حماس سببًا في فشلها.
اليوم، عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال وكبار السن تحت الأرض، ومحلات سُحقت، وأحياء بأكملها كأن لم تكن.
والسبب: نقض العهد في بيت الله الحرام، وعدم سماع النصح والنصيحة الصادقة. لقد غرتكم الأماني، وغركم بالله الغرور.