المقالات

علماء مسلمون… ليشهدوا منافع لهم!!

لا يزال في الذاكرة حين كنت أسير بعد انتهاء الصلاة في ساحات الحرم المكي الشريف عقب أحد المواسم؛ اعترضني رجلٌ كبيرُ في السنّ، قد أنحنى ظهره، ورقّ عظمه، وضعف بصره، فقال لي: هل تجيد اللغة الإنجليزية؟ فقلت له: نعم أجيدها، فسألني أن أوصله إلى عنوان مكتوب عنده، فقمت بما يجبُ لمثلهِ من ضيوف بيت الله الحرام، وبعد أن وصل لمسكنه سألني عن عملي، فأخبرته بأني حديث التخرج في جامعة ويلز البريطانية، وأني أستاذ مساعدٌ في قسم الإحصاء بكلية العلوم بجامعة الملك عبد العزيز، فنظر إلى طويلاً ثم قال لي: هل تعرف البرفسور “منير أحمد”؟ قلتُ له: وأي إحصائي لا يعرفهُ وهو العالم الكبير المشهور، والباحث القدير في مجالات الإحصاء الرياضي؟ عندها تبسم ضاحكاً وقال لي: أنا البرفسور “منير أحمد” بلحمه وشحمه!
ومنهم الأستاذ الدكتور “امتياز علي” أستاذ مراقبة الجودة في المعهد الهندي للتكنولوجيا في مدينة “كارا جبور”، هي جامعة عامة تقنية وبحثية، أنشأتها حكومة الهند في عام 1951م.
البروفسور “امتياز” شخصية علمية وأكاديمية متميزة له الكثير من الإبحاث التي نشرت في أوعية نشر ذات تأثير عال، فور علمي بوجوده في مكة المكرمة لأداء العمرة دعوته لزيارة الجامعة، استقبلته في مكتبي بوجود بعض من عمداء الكليات العلمية، وقدم أفكار إبداعية في الكثير من المجالات العلمية والبحثية التي أرتقت بالجامعة خاصة في مجالات اعتماد البرامج والتصنيفات العالمية.
ومن الذين قابلتهم في مكة؛ الأستاذ الدكتور “موفق” إن لم تخني ذاكرة الاسم، البريطاني من أصول عراقية، كان استاذاً لمادة الإحصاء الرياضي في جامعة ويلز فرع مدينة “بنجر”، كان يفترض أن يكون مشرفي على الدكتوراه، قبل أن أغير تخصصي إلى الإحصاء التطبيقي.
كنت على تواصل معه حتى بعد انتقاله من جامعة ويلز والتحاقه بإحدى الجامعات الخاصة في مدينة مانشستر البريطانية.، زرته غير مرة، وأذكر أننا تجمعنا محبة نادي الإتحاد، فهو يشجع نادي اتحاد مانشستر، وأنا من مشجعي اتحاد جدة مع حبي لفريق الوحدة بحكم المولد والنشأة، أذكر أنه دعاني لمشاهدة أحد مباريات فريقه “اتحاد مانشستر” في ملعب “ترا فورد” الشهير بضاحية مدينة مانشستر البريطانية، وللآسف أنهزم فريقه يومها.
ومنهم البرفسور “زيني أوجانج” رئيس جامعة ماليزيا للتكنولوجيا السابق ووزير التعليم العالي الماليزي الحالي؛ شرفت بمقابلته قبل سنوات أثناء أدائه شعيرة العمرة، كنت وقتها مديراً لجامعة أم القرى، من نتائج تلك المقابلة محاضرته التي ألقاها في الجامعة عن الابتكارات والأفكار الإبداعية، والتي كانت الأساس في إنشاء وادي مكة للتقنية بالجامعة.
لقد جعل الله هذه المدينة المقدسة (مكة المكرمة) مهوى الأفئدة، يفدُ إليها فيمن يفدُ العلماءُ والأدباء والفقهاءُ والكبراءُ والخبراءُ والمخترعون وطلبة العلم ” ليشهدوا منافع لهم”، وكل هؤلاء ينبغي أن يكون لبلادنا الحبيبة المملكة العربية السعودية ومؤسساتها التعليمية وجامعاتها على وجه الخصوص نصيبٌ وافر من علمهم، وفضلهم، وانتاجهم المعرفي؟

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى