حل علينا شهر رمضان المبارك، الذي يصومه المسلمون في أنحاء العالم، الأصحاء والمرضى، كل عام كفريضة فرضها الله على عباده لما فيها من الخير الكثير للإنسان. وديننا الإسلامي يمنح الرخصة للمريض بالإفطار تبعًا لتعليمات الطبيب أو لفتوى دينية، متى ما رأت أن الصيام قد يضر بالمريض. لكن السؤال الأهم الذي يُطرح من قِبَل مرضى السرطان وغيرهم من المصابين بالأمراض المزمنة، مثل السكري والضغط وغيرها، هو: هل يستطيعون صيام شهر رمضان المبارك بشكل آمن؟ وهل سيؤثر الصيام على صحتهم وجلساتهم العلاجية المتتالية؟
هنا أتحدث عن مرضى السرطان بشكل خاص؛ إذ يختلف مرض السرطان باختلاف نوعه، ودرجة انتشاره، والمرحلة العلاجية التي وصل إليها المريض، وكذلك مضاعفاته وعواقبه المحتملة في حالة الصيام. لذا، فإن قرار الصيام يعتمد على هذه المعايير، ويجب أن يُتخذ بناءً على استشارة الطبيب المختص، الذي يقوم بتوضيح الرؤية للمريض، وعرض المعلومات العلمية والطبية الخاصة بحالته، وشرح الرأي الطبي بشأن صيامه.
صرّحت رئيس الأطباء المقيمين في علاج الأورام بمجمع السلمانية الطبي، الدكتورة ساجدة سبت، قائلة:
“الصيام بوجه عام غير ممنوع على مرضى الأورام، وقد أثبتت بعض الدراسات الحديثة أن الصيام، بأنواعه المختلفة، يُحدث تغييرات إيجابية في التمثيل الغذائي للجسم، مما قد يؤثر بشكل إيجابي على مسار الورم ويزيد من فاعلية بعض الأدوية في الدم.”
وأضافت: “يتعين على مريض السرطان استشارة الطبيب قبل الشروع في الصيام، إذ يتم تحديد برنامج آمن للصيام دون التأثير السلبي على حالته الصحية، كما يجب على المريض الحرص على تناول وجبة السحور، لما فيها من بركة وصحة للجسم.”
أما المرضى الذين يتلقون العلاج الكيميائي عن طريق الوريد، فلا يستطيعون الصيام، لأنه يبطل شروط الصيام في الدين الإسلامي، كما أن العلاج الكيميائي قد يسبب مضاعفات مثل الغثيان والقيء والحاجة إلى تناول السوائل بشكل كبير، مما يجعل الصيام غير مناسب لهم.
نصائح لصيام آمن لمرضى الأورام خلال شهر رمضان
• تناول الأطعمة التي تمنح الشعور بالشبع، مثل الأطعمة الغنية بالبروتين والأسماك، مع تقليل السكريات والنشويات.
• تفادي الاعتقاد الخاطئ بأن قطع السكر أو البروتينات يمنع نمو الخلايا السرطانية؛ فهذا مفهوم غير صحيح علميًا.
• الإكثار من شرب الماء والسوائل في وجبتي الإفطار والسحور، لتجنب انخفاض نسبة السوائل في الجسم، مما قد يؤثر على وظائف الكلى، وبالتالي على استمرارية جلسات العلاج الكيميائي. فالسوائل تساعد في تخفيف الأعراض الجانبية للعلاج، مثل القيء والإسهال أو الإمساك.
• ممارسة النشاط الجسدي الخفيف، مثل المشي لمدة 30 دقيقة يوميًا أو صعود الدرج بشكل معتدل، للحفاظ على اللياقة البدنية وتنشيط الدورة الدموية أثناء الصيام.
من الضروري أن تحترم العائلة خيار المريض في الصيام أو الإفطار، وفقًا لتوصيات الطبيب، وألا تجبره على الصيام إذا كان ذلك يشكل خطرًا على صحته. فكثيرًا ما يُمارس الأقارب ضغوطًا على المريض للصيام، مما يزيد من معاناته النفسية، وهو أمر يتعارض مع تعاليم ديننا الحنيف، الذي يسرّ على المرضى ورخص لهم الإفطار عند الحاجة.
أخيرًا، يجب أن يتذكر مريض السرطان، وجميع المرضى، أن الدين الإسلامي قد رخّص لهم الإفطار عند المشقة، إذا تسبب الصيام في مضاعفات قد تؤدي إلى نتائج سلبية على صحتهم. فالحفاظ على الصحة وعدم تعريض النفس للخطر هو أولى الأولويات، امتثالًا لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (البقرة: 195).
• قائد ورئيس زمالة تمريض الأورام بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث