المقالات

قصتي مع ترامب في واحة الإعلام

لم أكن أتوقع أن مقالًا ساخرًا كتبته ذات ليلة، وأنا أحتسي القهوة بجانب والدتي، سيصل صداه إلى أبعد من شاشاتنا المحلية… إلى المكتب البيضاوي ذاته!

كنت أتجوّل في واحة الإعلام ضمن الفريق الإعلامي المصاحب لزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حين اقترب مني صحفي أمريكي بملامح جادة، ترافقه بطاقة “مرافق رسمي للرئيس”، ثم فاجأني بسؤاله:
“Are you the journalist Abdullah Al-Zahrani?”
أجبته: “Yes.”
ابتسم وقال: “اسمك ترند في ولايتنا، ألا تدري؟”
قلت: “No.”
قال وهو يدنو بنبرته: “ألست كاتب مقال ترامب (الأذن الفولاذية)؟”

هنا بدأت أستعيد تفاصيل المقال الذي كتبته بعفوية، وقلت له:
”بلى، أنا…”
“طمّنّي عن أذن فخامته؟”
(ولا أدري هنا كيف انقلب لساني فجأة إلى الفصحى، !)

ضحك قليلًا وقال: “منذ وصولنا، والرئيس يريد مقابلتك على انفراد!”
قلت متوجسًا: “ليقابلني؟ إن كان يريدني أن أحذف المقال، حذفته!”
رد بسرعة: “No, no, Mr. Abdullah! فخامة الرئيس معجب بقراءتك للمشهد، خاصة ما كتبته عن الحادث الإرهابي ضمن الحملة الانتخابية في بنسلفانيا… صدقني، وقع مقالك في أمريكا كان أقوى من صوت الرصاصة نفسها.”

ساورني الشك، ولم أرتح تمامًا لحديثه، فحاولت الانسحاب بهدوء، لكن خطواته تتبعني في كل زاوية من زوايا واحة الإعلام.
قال: “كيف استطعت أن تقرأ هذا المشهد وأنت بعيد كل هذا البعد؟ هل كنت في أمريكا؟”
قلت ببساطة: “كنت عند الوالدة، أشرب قهوة، وفجأة طنت في رأسي الفكرة فكتبتها.”
ابتسم بدهشة، وكأن الحقيقة أغرب من المقال.

وفجأة، عرضت شاشات المركز الإعلامي كلمة للرئيس ترامب في المؤتمر الصحفي، وفيها يلتفت إلى سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ويقول بنبرة متعجبة:
“Mohammed, do you even sleep at night? When do you sleep and do all this?”

عندها لم أتمالك نفسي، وردّدت في داخلي بيت الشعر:
ما أطالَ النومُ عمرًا… ولا قصّرَ في الأعمار طولُ السهر.

عندها فقط، أدركت أنني أمام واقع لا يأتي حتى في الأحلام…
إذ سُلطت الكاميرات على الرئيس ترامب وهو يقول عن سمو ولي العهد:
”إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان شاب صغير في السن، ولكنه رائع، صاحب رؤية عظيمة، وقائد يحترمه العالم أجمع.”
ثم يضيف بلهجة لا تخطئها العاطفة:
”لدينا شركاء عظماء في العالم، لكن ليس لدينا من هو أقوى، ولا أحد يُضاهي الرجل الذي أمامي… إنه أعظم ممثل لكم، ولو لم أكن أحبه، لخرجتُ من هنا بسرعة، إنه يعرفني جيدًا، أنا أحبه، أحبه كثيرًا، أحبه كثيرًا.”
‎ فإلى شباب هذا الوطن..
لم يكن ذلك “الترند” في أمريكا أكثر من موجة عابرة. فاتركوا عنكم تفاهات السوشيال ميديا، ولا تلهثوا خلف ترندات المشاهير المضللة، واقتدوا بأمير الشباب، سمو ولي العهد محمد بن سلمان، الذي جعل من الحلم مشروعًا، ومن الطموح خطة، ومن العمل واقعًا.

تذكّروا دائمًا تلك الشهادة والإشادة من الرئيس ترامب بسمو ولي العهد، وتذكّروا – وأنتم على أبواب الامتحانات – أن من جدّ وجد، ومن زرع حصد… فالمجد لا يُمنح، بل يُنتزع.

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. ماشاء الله تبارك الله انت رجل وكاتب موهوب جدا وصاحب قلم سيال وانت احد شباب هذا الوطن المخلصين لدينهم ووطنهم ومليكهم
    نحن انعم الله علينا بقياده رشيده وحكيمه واميرا شاب اوصل هذا الوطن الى اعلى القمم وعنده همه وحب للوطن والمواطن

  2. لا فضُ فوك ماشاء الله
    صرير القلم وأزيز الحرف
    ذائقة أدبية صحافية تمتلكها
    وقيثارة ثقافية بديعة أنتَ
    وقلم إبريزي وحرف جوهري
    ولا قيمة للحرف إذ لم يخطه
    عمالقة الصحافة ونياشين ملاك
    الحرف وصناع الفكر والحِراك
    الصحفي والوهج الإعلامي.

    أنتَ واحدًا يتراقص القلم طرباً
    بين يديك ويتعثر لهيبة حرفك
    تتجلى فيك لُغةَ الوقار
    سيّما عندما يحضر الكِبار
    فونيم السعادة وإكسير الحياة
    الأُستاذ عبدالله الزهراني
    دُمت لنا قلماً نابضاً نابعاً
    وستبقى نبض الحرف النقي
    بياضاً كالثلج ونقاءً كالذهب

  3. مقال “قصتي مع ترامب في واحة الإعلام” نموذج يُدرّس في فن المقال الساخر..
    
مقال “قصتي مع ترامب في واحة الإعلام” للكاتب عبدالله أحمد الزهراني يُعد نموذجًا متميزًا يُمكن تدريسه في مساق أو ورشة تدريبية حول فن المقال الساخر، وذلك للأسباب الآتية:

1. توظيف الخيال لخدمة الواقع:
  يبدأ الكاتب بموقف تخييلي يجمعه بصحفي أمريكي تابع للرئيس ترامب، ثم يقود القارئ تدريجيًا إلى موقف موثق واقعي، مما يبرز مهارة استخدام “السخرية التخييلية” التي تُقحم القارئ في مشهد يبدو خياليًا لكنه يعكس واقعًا حقيقيًا.

2. البناء الدرامي المتوازن:
  يمر المقال بعدة مراحل سردية تبدأ بالسخرية من موقف عابر (ترند)، ثم التوتر المصطنع (طلب الحذف)، وأخيرًا الإشادة الجادة بولي العهد، مما يعطي المقال بنية تعليمية حول كيفية تصعيد الفكرة الساخرة نحو رسالة عميقة.

3. المزج بين الهزل والجد:
  الكاتب يُبدع في الانتقال بين الطرافة والجدية دون أن يُربك القارئ. فهو يثير الضحك في النصف الأول، ثم يزرع التأمل والتحفيز الوطني في النصف الثاني، وهي مهارة يُوصى بتدريب الطلاب والكتّاب الجدد عليها.

4. الاتساق الفني:
  الربط بين بداية المقال (الحديث عن الترند)، وخاتمته (التحذير من لهث الشباب خلف الترندات المضللة) يعكس وعيًا هيكليًا يُدرّس كأسلوب متقدم في كتابة المقال الساخر.

5. الرسالة النهائية:
  يختم المقال بدعوة واضحة للاجتهاد، موجهة إلى الشباب، بأسلوب لا يخلو من التحفيز الوطني والتقدير الرمزي لقيادة البلاد. هذه الخاتمة تجعل من المقال “سخرية بوعي”، وهي نقطة جوهرية في تدريس هذا الفن.

التوصية:
يمكن اعتماد المقال كنموذج تطبيقي في مساقات الصحافة الساخرة، الكتابة الإبداعية، أو ورش النقد الصحفي، مع تحليل هيكله، لغته، وبنيته الساخرة لتدريب الطلاب على إنتاج محتوى مشابه يجمع بين المتعة والرسالة.

  4. مقال أ. عبد اللّٰه الزهراني موسيقار
    الصحافة الخليجية “قصتي مع ترامب في واحة الإعلام”، يُعد نموذجًا للكتابة الصحفية التي تمزج بين السرد الشخصي والتحليل السياسي، مما
    يجعله مادة غنية للتأمل والنقد.واعتباره وثيقة تاريخية للحدث الدرامي على الساحة السياسية. ليُظهر كيف يمكن للإعلام أن يصبح ساحة صراع أيديولوجية، للتأثير على الرأي العام وتوجيهه. ويبرز بتجربته الشخصية، التحديات التي يواجهها الإعلاميون في مواجهة الضغوط السياسية
    والاجتماعية، مما يعكس واقعًا معقدًا يتطلب وعيًا نقديًا من المتلقي. وقد نجح في تسليط الضوء على دور الإعلام، لتعزيز الوعي النقدي لدى القراء، لتقديم نموذج للكتابة الصحفية الفريدة. بما لديه من قدرة عالية على استخدام السرد الشخصي كأداة لنقل رسائل سياسية واجتماعية، لابراز دور الإعلام في تشكيل المواقف والآراء، بمادة غنية للتأمل والنقد. ويعزز مكانته ككاتب ساخر للقضايا
    الاجتماعية، والمواقف والاحداث
    السياسية باستغلاله لفن التوقيت.

اترك رداً على د. فيصل الشميري إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى