اعتاد مجتمعنا في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية على استخدام البخور بشكل يومي في البيوت كعادة وتقليد أصيل يعبر عن النظافة المنزلية ويرمز لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة في المناسبات الخاصة والعامة فرائحة بخور العود واللبان وباقي الأصناف الأخرى التي تفوح في أرجاء البيوت والمجالس تعتبر جزءًا لا يتجزأ من ثقافتنا وهويتنا العربية والسعودية إلا أن الإنتاج التجاري الذي يهدف الى الربح ويتجاهل أهمية المحافظة على صحة الانسان والبيئة من خلال ما نشاهده من كثرة الإعلانات والتنافس التجاري التي تحفز على استخدام البخور تحت مسميات مختلفة مظللة صحيا وبيئيا لجذب أمان المستهلك الذي يظن ان عبارات مطور ومحسن وشبه طبيعي أنها أمنه وليس لها اضرار على الصحة العامة وصحة البيئة الامر الذي يؤدي بالمستهلك الى الاستخدام المفرط والخاطئ للبخور الذي يجعله يغفل عن مخاطر ذلك الامان أمام تلك المسميات التجارية الوهمية المظللة التي تدس السم في عبير البخور الذي نتنفس منه جودة المرض المميت.
ولذلك فإنني كمواطن يستشعر خطورة هذا الامر على صحة الفرد والاسرة والمجتمع فإنني أوجه رسالة إلى الجهات الصحية والبيئية والتجارية الرسمية بما فيها الجمعيات البيئية السعودية باعتبار دخان البخور ملوثا خطيرا مثل دخان التبغ واتخاذ إجراءات مناسبةض لتقنين بيعه واستخدامه من خلال دراسة الاقتراحات التالية:
– إطلاق حملات توعية مكثفة تستهدف جميع شرائح المجتمع لتسليط الضوء على نتائج الدراسات والبحوث العلمية التي اتثبت المخاطر الصحية والبيئية الناجمة عن استخدام البخور وانواعه السيئة.
– أن تتضمن هذه الحملات معلومات واضحة ومبسطة حول تأثير الدخان المنبعث من البخور على الجهاز التنفسي والعيون والجلد واحتمالية تسببه في تفاقم أمراض الربو والحساسية وزيادة خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي المزمنة وحتى السرطان على المدى الطويل وتوضيح تأثير الدخان على جودة الهواء داخل البيوت والمساجد وقاعات الافراح وتلوث جودةالبيئة بشكل عام.
– التفكير جدياً في وضع ضوابط وتنظيمات تحد من الاستخدام المفرط للبخور في المناسبات العامة والخاصة وخاصة في الأماكن التي يرتادها عموم الناس كالمساجد وقاعات الأفراح ويمكن التدرج في ذلك بدءًا بالتوعية بأهمية التقليل وصولًا إلى فرض عقوبات على الاستخدام المبالغ فيه أو في الأماكن المحظورة على غرار ما تم اتخاذه للحد من التدخين في الأماكن العامة وينبغي بشكل خاص منع استخدام البخور داخل المساجد لما له من تأثير سلبي على صحة المصلين خاصة كبار السن والنساء والأطفال والمرضى.
– التنسيق مع وزارة التجارة والصناعة وهيئة الغذاء والدواء لإلزام محلات بيع البخور بتصنيف درجات البخور الطبيعي ودرجات الغير طبيعي من المحسن والمطور ووضع لوحات توعوية واضحة في واجهة المحلات وعلى المنتجات نفسها تتضمن تحذيرات صحية وبيئية حول مخاطر استخدام البخور وتعليمات حول الاستخدام الآمن والمقتصد وأن تكون هذه اللوحات مشابهة في وضوحها وتأثيرها للتحذيرات الموجودة على منتجات التبغ والمواد الغذائية والعلاجية.
– التنسيق بين الجهات الصحية والبيئية ووزارة الشؤون الإسلامية ووزارة التجارة لمنع استخدام البخور داخل المساجد وقاعات الافراح والأماكن المغلقة والعمل على إيجاد بدائل صحية وآمنة للقضاء على الروائح الكريهة مثل استخدام معطرات الجو الطبيعية غير الضارة أو القضاء على مصادر الروائح الكريهة وتحسين جودة التهوية.
-إن استمرار هذه العادة المتجذرة في المجتمع دون وقفة جادة يؤدي بلا شك إلى انتشار وزيادة الأمراض المستعصية والخطيرة المتعلقة بالجهاز التنفسي وغيرها مستقبلا مما يثقل كاهل ميزانية الجهات الصحية في فاتورة العلاج والرعاية الصحية حيث إن التوعية والحزم في تقنين استخدام البخور سيكون له انعكاس إيجابي على صحة المواطنين والمقيمين وبالتالي تخفيف الضغط على القطاع الصحي وتقليل الإنفاق المالي على علاج الأمراض الناجمة عن تلوث الهواء الداخلي.
– تشجيع البحث العلمي من خلال دعم الدراسات والبحوث العلمية المحلية لتقييم مدى تأثير أنواع البخور المختلفة على الصحة والبيئة وتحديد المواد الكيميائية الضارة المنبعثة منها.
– وضع معايير صحية وبيئية لجودة البخور وإلزام الشركات المصنعة بذكر المكونات والتحذيرات الصحية بوضوح.
– تعزيز وتشجيع استخدام البدائل الطبيعية والصحية لتعطير المنازل والمناسبات مثل الزيوت العطرية الطبيعية ذات الجودة العالية واستخدام طرق تهوية جيدة.
– أهمية أن يكون هناك دور للقيادات المجتمعية والدينية في تبني سلوكيات صحية والتقليل من استخدام البخور في المناسبات العامة والخاصة ليكونوا قدوة حسنة للآخرين.
إن صحة مجتمعنا وبيئتنا أمانة في أعناقنا جميعًا وتتطلب مراجعة ووقفة جادة لتغيير هذه العادات السلبية فالحفاظ على الصحة والبيئة مسؤولية وطنية من خلال تظافر جهود الوعي لمؤسسات المجتمع المدني والتعاون واتخاذ الإجراءات والبدائل اللازمة التي تمكننا من الحفاظ على تقاليدنا العريقة بطرق تحافظ على الصحة والبيئة وتواكب مستهدفات الرؤية في جودة الحياة