المقالات

لا حج بلا تصريح

قرارٌ حازم وإجراءٌ صارم، لا يستثني أحدًا كائنًا من كان، سواء كان مواطنًا أو مقيمًا، قادمًا من خارج المملكة أو مقيمًا داخلها، بل هناك تشديد غير مسبوق لموسم حج هذا العام لرصد وضبط المخالفين، وتطبيق أشدّ العقوبات بحقهم بلا أدنى تهاون أو تساهل.

وهذا القرار ليس وليد اللحظة، بل هو معمول به منذ ما يزيد على عشر سنوات، وهو معلوم لدى جميع شعوب العالم.

فلماذا الاستهتار بالأنظمة والتعليمات؟!

هذا القرار يصب في المقام الأول في مصلحة الحجاج بمختلف جنسياتهم، ليحقق لهم حجًا آمنًا مطمئنًا، تتوفر فيه كافة سبل الراحة، وليؤدوا مناسكهم بكل سهولة ويسر. وهو بلا شك يهدف إلى تحقيق النسبة والتناسب بالنظر إلى مساحة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، والمدة القصيرة التي يتوافد فيها الحجاج.

ولذلك فإن الحج دون تصريح يؤدي إلى سلب حقوق الحجاج النظاميين، ومضايقتهم، والتعدي على المرافق العامة، بالإضافة إلى الفوضى والتدافع والازدحام، الذي قد ينتج عنه إصابات ووفيات – لا قدّر الله.

وقد أصدر مفتي عام المملكة العربية السعودية، سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ – حفظه الله – فتوى مضمونها أن مخالفة التعليمات الصادرة من الجهات المعنية بالحج، تعد مخالفة صريحة لأوامر ولي الأمر، ومنافية للشرع.

إلا أنه، وكما أن هناك علماء ربانيين يوجهون الناس لما فيه الخير والصواب، هناك – للأسف – علماء فتنة يغررون بالعامة، بدعوى أن الحج لا يستلزم تصريحًا ولا موافقة من ولي الأمر، عبر فتاواهم المثيرة للجدل، للوصول إلى مبتغاهم المتمثل في إثارة الفتنة، وتعكير صفو الحجاج، والتأليب على الحكومات، كما غرروا سابقًا بأبناء المسلمين، وزجوا بهم في مناطق الصراع.

ولهذا، استنفرت الجهات الأمنية كافة جهودها للحيلولة دون تهريب أو تسريب الحجاج غير النظاميين إلى المشاعر المقدسة، عبر نقاط الفرز، والدوريات الراكبة، وطائرات الدرون، وقد أثمرت هذه الجهود – ولله الحمد – بنتائج ناجحة، وبإذن الله سيكون حج هذا العام مميزًا بكل المقاييس.

كما أصدرت وزارة الداخلية قرارًا يقضي بفرض غرامة مالية تصل إلى (100,000) ريال، على كل من يتقدم بطلب إصدار تأشيرة زيارة – بكافة أنواعها – لشخص قام أو حاول أداء الحج دون تصريح، أو الدخول إلى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة أو البقاء فيهما.

ويُعاقب بغرامة مماثلة كل من يقوم أو يحاول إيواء حاملي تأشيرات الزيارة بكافة أنواعها في أي مكان مخصص للسكن، أو التستر عليهم، أو تقديم أي مساعدة تؤدي إلى بقائهم في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.

كل تلك الإجراءات تم اتخاذها لخدمة ضيوف الرحمن، الذين أتوا من كل فجٍّ عميق ليذكروا اسم الله في أيامٍ معدودات، بكل يسر وسهولة، ويعودوا إلى بلدانهم سالمين غانمين، وستُلمَس نتائجها واضحة للعيان في حج هذا العام – بإذن الله – ثم بعزيمة وإصرار الرجال المخلصين، وتوجيه القيادة الحكيمة.

ودمتم آمنين.

كاتب رأي ومستشار أمن

عبدالله سالم المالكي

كاتب رأي - مستشار أمني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى