لم يكن الحج عبر التاريخ رحلة يسيرة كما هو اليوم، بل كانت محفوفة بالمخاطر، يغشاها القلق، وتطوّقها مشاهد الخوف من اللصوص وقطاع الطرق، حتى إن الحاج كان يكتب وصيته قبل مغادرة بلده، ولا يتيقن أنه سيعود إلى أهله ودياره سالمًا. فالأمن كان مفقودًا، والطرقات مهجورة، وموسم الحج يُعدُّ تحديًا وجوديًا لمن أراد أداء هذه الفريضة.
وثّق المؤرخون كثيرًا من القصص المأساوية لحجاج تعرضوا للنهب، أو تاهوا في الصحارى، أو لقوا حتفهم في طرق موحشة، بسبب غياب الحماية والتنظيم. ومع كل موسم، كانت تتكرر هذه المآسي، دون منظومة تضمن سلامة الحجاج وكرامتهم.
لكنّ الصورة اليوم تغيّرت جذريًا، فتبدّل الخوف أمنًا، والضياع تنظيمًا، والعشوائية احترافًا. مشهد لا نراه فقط على شاشات التلفزة، بل في عيون الحجاج، وفي وجوههم التي لا تفارقها الابتسامة، وكأنهم جميعًا يرددون: “ابتسم… أنت في مكة”.
ففي هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، تحولت منظومة الحج إلى نموذج عالمي يحتذى به في الأمن والخدمة والتنظيم. وبفضل رؤية المملكة 2030، أصبح الحج مؤتمتًا، ومحكومًا بخطط دقيقة، وتكامل تقني غير مسبوق.
وقد بلغ إجمالي عدد الحجاج هذا العام 1,673,230 حاجًا من مختلف الجنسيات، قادمين من أكثر من 171 دولة حول العالم، في مشهد يعكس الثقة الدولية بكفاءة المملكة في إدارة الحشود وتأمينهم.
ورغم هذا الزخم البشري الهائل، أعلن المتحدثون الرسميون أنه لم تُسجل أي حالة وبائية أو أمنية تعكّر صفو الحجاج، وهو إنجاز استثنائي يُحسب للمنظومة الأمنية والصحية السعودية.
وساهمت الجولات الميدانية الدقيقة التي يقوم بها سمو وزير الداخلية الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، رئيس لجنة الحج العليا، في ترسيخ هذا الأمن، حيث يحرص سموه على الوقوف بنفسه على كل التفاصيل، من نقاط التفتيش، إلى مراكز القيادة، وحتى غرف العمليات، في تأكيد حاسم على أن أمن الحجاج وسلامتهم أولوية لا تقبل التهاون.
وقد تزامن ذلك مع تطوير شامل في قطاعات وزارة الداخلية، خاصة فيما يتعلق بالتقنية الحديثة والذكاء الاصطناعي، واستخدام أدوات المراقبة المتقدمة، والطائرات المسيّرة، والكاميرات الحرارية، وتحليل البيانات لحظيًا، لتوجيه فرق الأمن والاستجابة السريعة.
وفي هذا السياق، جاءت حملة “لا حج بلا تصريح” كركيزة محورية لتعزيز التنظيم الأمني، حيث ساهمت بشكل مباشر في إبعاد المخالفين عن المشاعر المقدسة، والحد من التكدس، وضمان أن يؤدي الحجاج نسكهم في أجواء آمنة ومنظمة.
وكانت قوات أمن الحج بالمرصاد لمحاولات التسلل إلى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، حيث رصدت استخدام مخابئ سرية داخل مركبات ثقيلة لنقل مخالفي أنظمة الحج، في مشهد يُجسّد يقظة الأجهزة الأمنية وقدرتها على إفشال أي محاولة للإخلال بالتنظيم
إنّ ما يشهده الحاج اليوم من أمان واحترافية في التنظيم، يؤكد عظمة التحول الذي قادته الدولة، وهو ثمرة عمل مستمر، وإخلاص منقطع النظير، وعناية خاصة من قيادة جعلت خدمة ضيوف الرحمن شرفًا لا يُضاهى، ورسالة سامية تتصدر أولوياتها.
مقالك رائع جدا وابارك لك التغطية المتميزة للصحيفة كعادتها لموسم هذا الحج نجاحك نجاح لكل الإعلامين ونحس بوجودك وجهودك أدى الإعلام دوره وزيادة نحو البلاد والعباد والقيادة الرشيدة بارك الله فيك وجعلها في موازين حسناتك
مقالك رائع جدا وابارك لك التغطية المتميزة للصحيفة كعادتها لموسم هذا الحج نجاحك نجاح لكل الإعلامين ونحس بوجودك وجهودك أدى الإعلام دوره وزيادة نحو البلاد والعباد والقيادة الرشيدة بارك الله فيك وجعلها في موازين حسناتك
