المقالاتعام

محمد حسن عواد.. كان فريدًا في عصره

في عام 1925 أصدر محمد حسن عواد قبل أن يبلغ العشرين من عمره كتابه (خواطر مصرَّحة) وفيه يقول:
((إن بعث الإنسان يعني أنه ليس مخلوقًا على الثبات ولا على أن يكون كائنًا محدَّدًا بل في أن يكون غير ما كان عليه من قبل وأن طبيعته من حيث هو إنسان ليست في امتلاك طبيعة محدَّدة وثابتة وأن رغباته تتغير بتغير الفترات التاريخية وأن ميزة الإنسان الأساسية هي أنه غير محدَّد بشكلٍ قَبْلِيٍّ ومسبق))
إن هذه الرؤية المبكرة ذاتُ إشعاعٍ باهرٍ وذاتُ دلالةٍ عميقةٍ فقد صدرت في الربع الأول من القرن العشرين وكَتَبَها شابٌّ لم يبلغ العشرين من عمره ولم يتجاوز تعليمه النظامي المرحلة الثانوية لكنه كان حاد الوعي بعظمة القابليات الإنسانية التي جرى إغلاقها وتعطيلها ….
هذا الاختراق الباهر وهذا الإدراك العميق لسبب استمرار الجهل ودوام التخلف قد جعل محمد حسن عواد شديد المقت للجمود ومن هذه الرؤية الكاشفة جاء هجاؤه الحاد للمتحجرين الذين تسببوا في تعطيل عقل الأمة وهم الذين يلقنون الناشئين ما ينيم عقولهم ويعطل تفكيرهم ….
لقد أدرك محمد حسن عواد في وقت مبكر جدا من القرن العشرين أن قابليات الإنسان يجب أن تبقى مفتوحة للنمو وللتغيُّر ….
لقد أدرك أن قابليات أجيال كل أمة هي الثروة المتجددة وهي تكون منتجة ومثرية ومبدعة بقدر ما يتاح لها من انفتاح وبقد إشعال الرغبة في المعرفة وإلهاب الطموح في التقدم إن قابليات الأجيال لأية أمة هي أعظم ثرواتها وهي ثروةٌ متجدة بتجدد الأجيال ….
كان يدرك أن الأمم التي تقدمت لا تملك قابليات إنسانية مغايرة للأمم المتخلفة ولكنهم أتاحوا للقابليات أن تتفتح وللعقول أن تنمو وللمواهب أن تبزغ وتضيء فأثمر ذلك ما يعلمه الجميع من ازدهار عظيم ….
إن هذا الإدراك العميق قد جعل محمد حسن عواد يدرك الفوات الحضاري الذي حُرِمتْ منه الأمة بسب تعطيل قابليات الإنسان لذلك كان شديد السخط على أهل الرأي في المجتمع الحجازي فهو يرى أنهم قد أغلقوا عقول الأجيال وقادوا المجتمع إلى هذا الانغلاق الذي يحرم المجتمع من الإمكانات العظيمة التي تتيحها قابليات الناس لو بقيت مفتوحة فهذه القابليات التي مكَّنت الأمم من التغيُّر والتقدم والإبداع والإنجاز بقيت موصدة في الأجيال بسبب انغلاق قادة الرأي ……
في الكتاب الرائع (الحداثة والمجتمع السعودي) يقول المؤلف المبدع علي الشدوي:
((لقد كان كتاب العواد (خواطر مصرَّحة) محاولة لتحقيق المثل الأعلى للكمال الإنساني في مختلف المجالات الأخلاقية والجمالية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والأسلوبية. هذا الكتاب ظل موضوعًا رئيسيًّا وضامرًا في حياته التي لم تكن كلها على المستوى ذاته من النضال الاجتماعي النشط))
المعروف بأن محمد حسن عواد قد لقي من الناس عنتًا شديدًا فقد أقيل من وظيفته في مدرسة الفلاح الأهلية وحورب من قبل فئات من المجتمع وحُرِّض عليه وتمت مضايقته في حياته وفي مصدر زرقه …..
إنني أنصح بقراءة كتاب علي الشدوي (الحداثة والمجتمع السعودي) فالكتاب دراسة معمقة وكاشفة ومزيلة للبس الذي شاع عن الحداثة وكما يقول الشدوي:
((إننا مازلنا إلى الآن لم نعِ ثوابت تلك المرحلة ولا مخزون أفكارها ذات الطابع الاصلاحي والتحديثي))
بقي أن أشير إلى أن الناقد حسين بافقيه قد اعتنى بكتاب (خواطر مصرَّحة) لمحمد حسن عواد وكتب له مقدمة رائعة ونشرت الكتاب دار جداول …..
إن هذه المقالة القصيرة لا تستهدف التعريف برائد عظيم ومفكر سابق لعصره وأديب وكاتب وشاعر إنه طاقة شديدة الكثافة والتركيز أثمرت مواهب متنوعة فهذا المقالة تستهدف التذكير بواحد من أروع الرواد.
إننا حين نقرأ قصة حياة محمد حسن عواد نشعر بعظمة التغيير العظيم الذي تحقق في عهد الملك سلمان وهذا ما يجب أن يعيه الجميع…..7

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى