المقالات

الشرق الأوسط.. صراعات التاريخ والجغرافيا بين مطرقة الطائفية وسندان الاحتلال

المنطقة الجغرافية التي ننتمي إليها تعرف بمنطقة الشرق الأوسط، وهذه المنطقة هي مسرح للأحداث التاريخية ما قبل الميلاد وما قبل الإسلام، وما بعدهما. وهي المنطقة الجغرافية التي شهدت أحداثًا دينية، ففيها مبعث الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام جميعًا؛ ولذا فإن الصراعات في هذه المنطقة تأخذ الطابع التاريخي المجتر من القدم حتى اليوم، يضاف لذلك الموقع الجغرافي الذي يحوي معظم المواقع الإستراتيجية، سواء كانت مواقع اقتصادية أو حربية، والسيطرة عليها عامل مهم لقوة المستحوذ وعامل يؤدي إلى الضعف عند المسلوب؛ ولذا فالجغرافيا والتاريخ في الشرق الأوسط تختزن تاريخًا يولِّد في المستقبل صراعات بناءً على تلك الخلفيات التاريخية، وما يحوي هذا الموقع الجغرافي من أماكن اقتصادية تتوفر به موارد تناسب كل عصر مرّ، وموارد متجددة في ذات الوقت هي عصب حياة العصر الحديث.

صادف هذه الأهمية التاريخية والجغرافية نشوء حركات متطرفة تمكنت من الوصول إلى زمام الأمور. فلقد نشأت الحركة الصهيونية التي بدأت بالتنظير لها في العام 1897م في بازل بسويسرا، والذي تُوِّج فيما بعد بوعد بلفور 1917م، ثم تحقق هذا المشروع سنة 1947م بتكوين دولة يهودية في فلسطين معتمدة على أطماع تاريخية أُضفيت عليها قداسة دينية، فهذه المنطقة الجغرافية كما أسلفتُ هي مبعث الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، ما أدى لنشوء الحركة الصهيونية التي أصبحت دولة في فلسطين العربية.

ونتيجة لذلك التواجد نشأت في هذه المنطقة الجغرافية حركات عربية، بعضها اتخذ من القومية العربية، التي بدأت في لبنان سنة 1948م، شعارًا يواجه به المحتل لفلسطين، والبعض الآخر اتخذ من الدين الإسلامي ما يبرر له أن يؤسس أحزابًا دينية كجماعة الإخوان التي أسسها حسن البنا سنة 1928م. حتى وصل الحال أن افترق أصحاب الشأن من الإخوة في فلسطين فكانت حركتا حماس وفتح متضادتين في الفكر والمرجعية ما بين قومي ووطني من جهة، وما بين إسلامي محتكر في الفكر الإخواني الذي أسسه حسن البنا في مصر وكون له قاعدة في كثير من الدول العربية. ثم أتت القومية العربية وما صحبها من رؤى وأفكار تؤمن بالوحدة العربية السياسية، حتى نتج عن ذلك صراعات عربية بينية وتدخلات في شؤون بعض.

ولم تكن إيران، تلك الدولة المجاورة للعرب والتي لديها إرث تاريخي ومعتقدات بعيدة عن مسرح الأحداث، ببعيدة عن هذا المشهد؛ فكانت الثورة الإيرانية 1978م، والتي وُصِفت بالإسلامية على مرجعية طائفية مذهبية لم تكن سنية كما هي حركة جماعة الإخوان. وهذا جعل الكثير من أبناء الأمة العربية يميلون إليها لأنها تمثل معتقدهم. وكونت لها جماعات في الوطن العربي وتبنت الإساءة للمملكة العربية السعودية على وجه التحديد من خلال موسم الحج في العام 1987م، والمواجهة مع دول عربية بها من ينتمي لهذا المعتقد، فالغاية لديها تبرر الوسيلة. ولأجل أن يكون لإيران نفوذ، دعمت حركات وأحزابًا في بعض الدول العربية وتبنتها كحزب الله في لبنان، وجماعة الحوثي في اليمن. وحتى تضفي إيران قبولًا في الأوساط الشعبية اتخذت من محاربة إسرائيل وسيلة جذب إليها حاليًا كما كانت تفعله مع العراق.

خلاصة القول:
العرب ما بين فتنة معتقدات طائفية وحزبية وقومية، وما بين عدوٍ هو كذلك اتخذ من المعتقد اليهودي ذريعة للبقاء والحرب، أخذ في بدايته صفة القداسة حتى هاجر إلى فلسطين كثير من يهود العالم بمن فيهم يهود من العرب الذين تخلوا عن عروبتهم لأجل المعتقد الذي ينتمون إليه.

اليوم نشهد حربًا ما بين جمهورية إيران الإسلامية، التي تتخذ من معتقدها الديني مبررًا للحرب، وجماعة متطرفة يهودية صهيونية بنت وأَسست دولة تسمى إسرائيل (المحتلة).

فلو استمرت الحرب وانتصر أحدهما على الآخر، تكون فتنة وحربًا؛ فهذه المنطقة مسرح لأحداث تاريخية تأخذ صفة الاستمرارية والقداسة؛ وإن لم يتدارك عقلاء العالم ذلك بحلول تجنب العالم والعالم العربي على وجه الخصوص نتائج هذه الحرب وآثارها المستقبلية التي تؤخر التنمية والنهوض والتعايش والسلام، فعلى الدنيا السلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى