الإمام الشافعي -رحمه الله- هو واحدٌ من أعظم علماء الإسلام، ومؤسِّس أحد المذاهب الأربعة السُّنِّيَّة في الفقه الإسلامي، وهو محمد بن إدريس الشافعي، وُلِد سنة 150هـ (767م) في غزة أو عسقلان بفلسطين، وتُوفِّي سنة 204هـ (820م) في مصر.
انتقلت به والدته إلى مكة وعمره سنتان، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وحفظ «الموطأ» وهو ابن عشر سنين، ثم أخذ يطلب العلم في مكة حتى أُذِن له بالفتيا وهو فتى دون العشرين سنة.
تتلمذ على يد الإمام مالك بن أنس في المدينة المنورة، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ذهب إلى العراق سنة (184هـ) فتعلَّم من تلاميذ الإمام أبي حنيفة النعمان؛ وبذلك جمع بين فقه أهل الحديث في الحجاز (المالكي)، وفقه أهل الرأي في العراق (الحنفي)، وكان له منهج فقهي فريد يجمع بين العقل والنقل؛ قام بتأليف كتاب «الرسالة» الذي وضع فيه الأساس لعلم أصول الفقه.
عُرِف الإمام الشافعي بالذكاء الحاد، والفصاحة، وكان شاعرًا، وكان زاهدًا وَرِعًا، مُحبًّا للعلم والعلماء؛ أكثر العلماء والفقهاء من الثناء عليه، ووصفوه بصفات متعددة، حتى قال عنه الإمام أحمد بن حنبل: «كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس»، وقال عنه أبو عبيد القاسم بن سلَّام: «ما رأيت رجلًا أعقل من الشافعي».
وبالإضافة إلى معرفته للعلوم الشرعية، كان الشافعي أديبًا وشاعرًا فصيحًا، يتميَّز شعره في أغلبه بالحكمة ومناجاة الخالق، والدعاء والاستغفار، والتندُّم على المعاصي؛ وبذلك انتشر شعره بين الناس، ولا يزال شعره متداولًا حتى الآن، وأصبحت بعض أبياته وأقواله حِكَمًا وأمثالًا يتداولها الناس في حياتهم اليومية، ومن أقواله: «طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة»، ومن قصائده المشهورة الأبيات التالية:
إذا شئتَ أن تحيا سليـمًا من الأذى … ودينُك موفورٌ وعِرْضُك صِينُ
لسانُك لا تذكر به عورةَ امرئٍ … فكُلُّك عوراتٌ وللناسِ ألسنُ
وعينُك إن أبدت إليك معايبًا … فصُنها وقل: يا عينُ للناسِ أعينُ
وعاشرْ بمعروفٍ وسامحْ من اعتدى … ودافعْ، ولكنْ بالتي هي أحسنُ
تُوفِّي في مصر سنة 204هـ، ودُفن فيها، وقبره مشهور في حي الإمام الشافعي بالقاهرة.