منذ زمن وأنا أتابع بإعجاب صمود صحيفة مكة الإلكترونية ومزاحمتها لمواقع ومنصات الصحف الرقمية والرسمية، رغم حداثة عمر هذه الصحيفة الواعدة.
وتحت عباءة المسؤولية الثقيلة، وقف رئيس التحرير الزميل عبدالله الزهراني شامخًا، يحفر في الصخر بأظافره، متحديًا ندرة الموارد، ومراهنًا على العزيمة قبل الإمكانيات. تحمّل عبء الإشراف على الصحيفة كمن يحمل الجبل على كتفيه، لا بوفرة المال، بل بقوة الإيمان، وبفريق صغير يشعل من الصعاب وقودًا للإنجاز.
لم تكن الصحيفة تسير على طريق معبّد، بل على صخور وعرة، ولكن بحكمة القائد وصبره، أصبحت الكلمات والرؤى تشق طريقها رغم الضيق، والنجاحات تتوالى رغم قلة الإمكانات وشح الدعم وندرة العدد. واجه أبو أحمد التحديات بصدرٍ مفتوح، وعقلٍ مشتعل بالرؤية، حتى غدت الصحيفة منبرًا مشعًا وسط العتمة. وسعى جاهدًا للارتقاء بمحتوى الصحيفة في زمن تتسارع فيه وتيرة التحول الرقمي، وبرز كأحد القادة الإعلاميين الذين استشرفوا المستقبل وسلكوا طريق الابتكار بعزيمة وإيمان برؤية إعلامية جديدة. ولم يكتفِ بإدارة تحرير الصحيفة التقليدية، بل قاد نقلة نوعية في آلية إنتاج المحتوى من خلال دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة الخبر والتقارير والتحليلات الصحفية.
جهود الزهراني تميزت بالجرأة في تبنّي أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة المحتوى وسرعة إنجازه، مع الحفاظ على المصداقية والدقة التي تمثل جوهر العمل الصحفي. وتحت قيادته، أصبحت صحيفة مكة الإلكترونية من أوائل المنصات الإعلامية السعودية التي توظف الخوارزميات اللغوية وتحليل البيانات لتوليد محتوى احترافي يتناغم مع احتياجات القراء ويواكب تطلعاتهم.
ونتطلع لأن يصاحب هذا العطاء الفردي خطة وبرامج مدعومة من وزارة الإعلام لبناء كفاءات صحفية وطنية قادرة على التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي ومتغيرات الإعلام الرقمي، طالما أن الجميع يؤمن بأن دمج التقنية بالمهارة البشرية هو المفتاح السحري لصناعة إعلام وطني مؤثر، يليق بمكانة المملكة الطموحة في ظل رؤية 2030.
وللجميع تحياتي.
• رئيس تحرير جريد المدينة السابق
عندما يكتب الكبار، تصبح الكلمة مرآة للرؤية، ويغدو المقال شهادة ووفاء لتجربة تستحق أن تُروى.
في مقاله “مكة.. ريادة إعلامية بنكهة الذكاء الاصطناعي”، لم يكتفِ الأستاذ القدير، رئيس تحرير صحيفة المدينة السابق، بالإشادة بلغة المجاملة، بل قدّم قراءة عميقة لتجربة تستحق الوقوف عندها طويلًا، تجربة صحيفة مكة الإلكترونية، التي تحوّلت من فكرة طموحة إلى منبر وطني رقمي، يواكب روح العصر ويتجاوز حدود الإمكانات.
إن إشادته برفيق الحرف والزمن، الزميل عبدالله الزهراني، لم تكن مجرد عرفان، بل اعتراف بصلابة إعلامي خاض التحدي في زمن التحولات، وراهن على الذكاء والإيمان رغم شحّ الأدوات، ليصنع من “مكة” منصة تستحق الريادة لا بالتقليد، بل بالتجديد.
أما التلميح الذكي إلى دور وزارة الإعلام المنتظر، فهو تذكير صادق بأن العمل الفردي مهما بلغ من الإبداع، لا يغني عن الحاجة إلى حاضنة رسمية تتبنّى الكفاءات وتدعم التحولات. فالإعلام الذكي لا يُبنى بخوارزميات فقط، بل بعقول تُدرك أن الذكاء الحقيقي هو في تمكين الإنسان أولًا.
تحية لهذا المقال الذي جمع بين الاحتراف والوفاء، وبين نقد التجربة وتحفيزها… فهكذا يكتب الإعلاميون حين لا يساومون على شرف الكلمة
دمت بود
جمعان البشيري