المقالات

خلافات ما بعد الزواج: هل هي مؤشر خطر أم فرصة للنضج العاطفي؟

في اللحظة التي يقال فيها: “مبروك بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير” يظن البعض أن قطار السعادة قد أقلع ولن يتوقف … إلى أن تصطدم العجلات بأول مطب واقعي: خلافات ما بعد الزواج.
فهل هذه الخلافات إشارة تحذير لزواج على وشك الانهيار؟
أم أنها ببساطة التمارين الأولى لنضج المشاعر وصقل العلاقة لتصبح أكثر رسوخاً وإنسانية؟

الخلافات بعد الزواج .. حقيقة لا مهرب منها

ليست المشكلة أن تحدث الخلافات .. بل أن نتفاجأ بها وكأنها خطأ فادح.
في الواقع أي علاقة حقيقية تمر بمراحل اختبار طبيعية: اختلاف الآراء تباين الطباع صدمة التوقعات وانكشاف بعض الطبقات الخفية في شخصية الشريك.
هذه ليست “كوارث” بل جزء أساسي من تكوين علاقة ناضجة مبنية على فهم الواقع لا الأحلام الوردية.

متى تصبح الخلافات مؤشراً خطراً؟

ليست كل مشادة علامة نضج. أحياناً يكون تكرار نفس الأخطاء مع الإصرار على تجاهل حاجات الشريك ناقوس خطر.
الخلافات التي يسودها:
• التقليل من الآخر
• الإهانات الشخصية
• السكوت القاتل بدل النقاش
• أو اللجوء المستمر للطرف الثالث لحل النزاعات
كلها مؤشرات تقول: “هناك خلل يحتاج لتدخل جاد”

الخلافات البناءة .. دروس في الحب الحقيقي

الخلافات الصحية هي تلك التي تكشف الاختلافات وتبني جسور التفاهم لا جدران القطيعة.
عندما نتجادل بهدف الفهم لا الفوز وعندما نختلف ونعود بقلب أكثر ليناً فنحن في الحقيقة ننمو معاً.

كل نقاش بناء يعلمنا:
• كيف نسمع بإنصاف
• كيف نفرق بين العتب واللوم
• وكيف نقدم الاعتذار كبطولة وليس كهزيمة.

الخلافات اختبار لـ”نضج الحب”

الحب الناضج لا يعني ألا نتشاجر .. بل يعني أن نظل نحب ونحترم بعضنا رغم الخلاف.
هو الحب الذي يتعلم أن يتنفس وسط الغضب أن يمد يده وسط العتاب وأن يظل يرى النور في الطرف الآخر حتى لو غيمت السماء مؤقتاً.

في النهاية خلافات ما بعد الزواج تشبه المطر الأول الذي يهطل على أرضٍ لم تعتد البلل.
إما أن ترتوي العلاقة وتنبت مشاعر أعمق .. أو تتشقق الأرض إذا كان الأساس هشاً.
الذكاء العاطفي هنا هو أن نعتبر كل خلاف فرصة لاختبار حبنا وفرصة لنكبر معاً لا أن نفترق عند أول عاصفة.
فكما يقول المثل:
*“الزواج السعيد لا يخلو من الغيوم … لكنه يعرف دائماً أين تشرق الشمس”*

• عضو هيئة تدريس – جامعة المؤسس

أ.د. عصام بن إبراهيم أزهر

رئيس وحدة الكائنات المعدية مركز الملك فهد للبحوث الطبية جامعة الملك عبد العزيز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى