في زَمَنٍ صارَتْ فِيهِ أورَاقُ الكِتَابِ حُلْوَةً كَالذَّهَبِ، وَتَكَالِيفُ الطِّبَاعَةِ سُلَّماً لَا يَصْعَدُ إِلَّا أَعْلَى، أخترق هذا الغلاء قلبي كرصاصة، حين أبلغني ناشري أن تكلفة طباعة كتبي تضاعفت مرارًا.
كنت أطبع ألف نسخة من كتاب بـ 9000 جنيه فقط قبل أربع سنوات،
واليوم… أُطالب بدفع 27000 إلى 30000 جنيه لطباعة 500 نسخة فقط!
– قال الناشر:
“سعر الورق يا دكتور… نار!”
– قلت له:
“لكن الكلمة تبقى… أغلى من الورق.”
ومن وجعي، كتبت هذه الكلمات.
———–
وَرَقْ… وَرَقْ… وَرَقْ،
أَنَا قَلْبِي يَا نَاسْ،
اِنْحَرَقْ!
وَجَيْبِي، مِنْ كُتْرِ الصَّرْفِ،
اِتْخَرَقْ!
وَبَرْضُه مَا تُبْتِشْ،
وَلِسَّه بَأَكْتُبْ…
عَلَى الْوَرَقْ!
الْكُلُّ غَالَى،
وَالْمَعَاشُ مُتْبَرْمِجْ
عَ الصَّبْرِ… وَالْقَلَقْ!
وَبَأَصْبَرْ وَأَقُولْ:
الْكَلِمَةِ حُرَّه،
وَالرَّأْيِ صَوْتُهُ،
أَعْلَى…
مِنْ فَرْضِ السُّكُوتْ،
اللِّي وَرَاه الرِّيْبَة…
وَالْقَلَقْ!
وَإِنْ كَانْ “وَرَقِي”
بِقَى غَالِي…
فَالْفِكْرِ،
لَا يِنْشِرِي،
وَلَا يِنْسَرَقْ!
وَتِبْقَى الْكَلِمَةُ… كَلِمَة،
وَالْحَرْفُ فِيهَا،
أَغْلَى…
مِنَ الْوَرَقْ!
الخَاتِمَةُ:
وَهَكَذَا.. بَيْنَ حَرِيقِ الجَيْبِ، وَصَدَأِ القَلَمِ، وَصَخَبِ الأسْعَارِ.. يَبْقَى الكَاتِبُ يُنَاضِلُ بِحُرُوفِهِ.
يشتري الورق كمن يشتري الذهب…
يفاوض الناشر على “حبرٍ أرخص”،
ويضحك في سره،
لأنه يعلم أن أعظم ما كُتب في التاريخ
كان على جدرانٍ من طين…
أو في كهوفٍ بلا ورق.
وحدها الكلمة الصادقة، لا تحتاج إلى مطبعة فخمة… كي تعيش.



