المقالات

نجوم الطوالع و السواقط

بدأ العرب في الجزيرة وسميت بإسمهم ، استمرت نشأتهم على رمال تلك الأرض و التحفوا سمائها ولا شيء غير ذلك ، لكن تلك السماء وبمعنى أصح الفضاء مزين بملايين القناديل نجوم وكواكب.
لا يمتلك انسان تلك الأيام شيئا من وسائل قياس الزمن ، أو مواعيد الانطلاق في زراعة أو رعي أو حتى لقضاء وقته وحسابه.

لكن وجد ذالك في تدبر تلك الكواكب العاكسة لضوء النجوم ، والنجوم التي تضيء من ذاتها ليعمل منها مواعيد وقياس وعلامات بها يسترشد لنشاط معين أو مجيء شيء يخدم ذلك الإنسان.
هنا قسم تلك القناديل ( النجوم والكواكب ) الى قسمين :

القسم الأول الطوالع

وهي تلك القناديل الطالعة من المشرق أو الشارقة من المشرق.

القسم الثاني السواقظ.

وهي القناديل الساقطة للغروب ، وعمل هنا موازنة أو ترابط بين من يغرب ومن يشرق وعلى ماذ تدل ، وماذا يصاحب ذلك من ظواهر كونية فلكية مؤثرة أو تدل على موعد ظهور شيء أو حدوثه على سطح الأرض ، ويفيد الانسان أو يضره فيجتنبه.

فنجد أن كثير من المهتمين بحسابات الأنجم ( الحسابات الفلكية ) أو الحسابات الزراعية الفلكية ، وعلى سبيل المثال الحساب ابن عميرة وغيره الكثير الذي كان مرشدا لمن حوله بمواعيد الزراعة والرعي ومواقيت ومواسم الأمطار المؤثرة في قوت الانسان الزراعي.

تقوم حساباته على متابعة حركة أكبر نجوم المجموعة الشمسية ألا وهي الشمس وحركتها وعتبرها من النجوم الساقطة ، لآنه يتابع حركتها عند نزولها للغروب.

وكما نعلم أن الشمس هي أهم نجم في مجموعتنا التي تدور بكاملها حولها ، وتمدنا بالطاقة وتحدث الكثير من الإجابيات والسلبيات للإنسان ، ويُبنا على حركتها بين مداري الجدي والسرطان الكثير من الأمور مثل الفصول السنوية ، والتي يترتب عليها مواعيد زراعية ومناخية وصحية تمس الانسان ومعيشته وحتى صحته وتكاثره بل وبقائه على قيد الحياة ، وتسيير كثير من النشاطات.

كما يتابع غروب عنقود الثريا ثم شروقه من المشرق فجرا اذاننا بدخول فصلا من فصول السنة الساخنة ( الصيف ).
وقد سمى بضعة أيام بإسمها نجم الثريا وهو إثنا عشر يوما ، وسمى فترة غيابه بكنة الثريا أي اختفاءها ، وجعل خلال أيامها زراعة الحبوب مثل القمح والشعير لإرتباط تلك الأيام بموعد هطول الأمطار وموسمها بإذن الله تعالى.

بل ويطيب الجو ويعتدل خلالها ، ويصبح تنقل الانسان ودوابه أفضل وأريح وسهلا بما يتيح المحافظة على تلك المواشي بل وتكاثرها.

الكثير من الحسابين في جبال السروات غير ابن عميرة يعتمدون على السواقط من النجوم والكواكب ، وربما يرجع السبب الى وجود الجبال اللتي تعيق الرؤية أو تؤثر عليها ، فيكون الأفق الغربي التهامي هو الأفضل لعملية المتابعة والرصد.

أما الذين يعتمدون على الطوالع والسواقط ويربطون في ما بينها فكثير ، منهم راشد الخلاوي وهو عالم فلك لا يقرأ ولا يكتب الا اليسير ، ولا يحمل شهادات أو مستويات معينة من التحصيل المعرفي ، ولكنه كان شاعرا ملهما يحمل كماً من الثقافة والمعرفة التجريبية الاستنباطية . التي ربما لم يصل لها بعض عراف اليوم.
حيث قال :

حسبت الأيام بالعد كلها
ولا كل من عد الحساب يصيب

حساب الفلك بنجم الثريا مركب
ويحرص لها الفلاح والطبيب

اذا صرت بحساب الثريا جاهل
ترا لها بين النجوم رقيب

اذا غابت الثريا تبين رقيبها
واذا طلعت ترا الرقيب يغيب

فنجد أن ليلة 7/ 8/ 2025 تقريبا الساعة قرابة 12:45 طلعت نجوم الثريا أي أشرقت في نفس الوقت تغرب نجوم العقرب وهي الرقيب عند الكثير من المتابعين للطوالع.
فنها ربط بين الطوالع ونجوم السواقط.

بينما نجد من يعيش في الأماكن الصحراوية المنبسطة مثل نجد من المملكة العربية السعودية غالبا يعتمدون على الطوالع حتى سمي العلم بإسمها ( علوم الطوالع ) وهو فرع مهم من فروع الفلك ومثله الأنواء أو كما يقسمه علماء هذا المجال.

ولا يخلوا وقت ولا زمان ولا قبيلة في الجزيرة العربية ( المملكة العربية السعودية) من من يهتم بمثل هذه الحسابات لأهميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومصدر قوتهم ،

وربما تجد الكثير منهم لا يجيد القراءة والكتابة ولكنه عالما بالفطرة والتجربة في أحد أو كل فروع علم الفلك.

أما اليوم وفي هذا الزمن الجميل وفي ظل الله ثم في ظل حكومتنا الرشيدة ، وهذا المجتمع السعودي عالي الثقافة والفهم ، نجد المعارف بأنواعها ووسائل قياس الزمن وعلاماته تتوفر لدى كل شخص. فمن خلال جهاز الجوال يعرف مواعيد زراعته ونشاطه العملي والمجتمعي وتطل عليه هيئة الأرصاد والزراعة وغيرها من الهيئات بكل ما يريد معرفته ويحتاجه.

لكن يجب علينا تعلمها وإتقانها لتبقى كما بقيت في عهد من سبقنا من الأجيال التي برعت في كثير من مجالات المعرفة ونرى ثمارها اليوم في المشرق والمغرب.

فحمدا لله كثيرا ، وشكرا شكرا لدولتنا التي أبدعت في كل المجالات.

عبدالملك محمد ابن عميرة الذويبي

عبدالملك محمد ابن عميرة الذويبي

باحث في علم الفلك والتقويم الزراعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى