تمر بنا جميعاً أحداث الحياة وكأننا في وضع لا نستطيع التقاط كل أنفاسنا المتسارعة فيها، وتكاد غفلتنا تُغطي أبصارنا..! فلا نتوقف كثيراً عند بعض المواقف الحياتية الهامة، والأهم من ذلك كله التوقف عند الآيات الكريمة فعلى سبيل المثال لا الحصر الآية القرآنية العظيمة:(إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾. وحقيقة استوقفتني كثيراً ومنذ حدوث تفاصيلها الموجعة وهي فاجعة وفاة الشهيد بإذن الله تعالى الشاب محمد بن يوسف القاسم خارج الوطن فقد جعلتني أتوقف مرة أخرى عند معنى الآية الكريمة السابقة فهي تعرفنا جميعاً على واقع أحوالنا بصفة عامة فلا نعلم بل نحن نجهل تماماً موعد حدوث أقدارنا سواء في حياة أو موت أو رزق أو ذهاب أو عودة؛ لأننا باختصار لا نعلم الغيب مهما بلغ علمنا وإطلاعنا الإنساني.
والآية القرآنية الكريمة الواردة هي أيضاً من باب التسليم بقضاء الله والرضا به، ومن صميم الإيمان بالقدر خيره وشره فهذا الشاب النبيل وبطبيعة الحال لم ولن يعلم بأي أرض سوف يموت، ولم ولن يعلم ماذا كان سوف يكسب غداً، فقد كان مقدار علمه فيما مضى، وعدم علمه فيما سيكون، ومابين العلم وعدم العلم أقدار تحل، وأحداث تصير، وأوقات ترحل، وأماكن تشهد، وهو في الوقت نفسه لا يخفى على علم والده الفاضل يوسف بن عبدالعزيز القاسم، بل لا يخفى على كل من حوله من الأقارب والأصدقاء والزملاء، والأجمل في سيرة هذا الشاب النبيل وهو ما تشهد به الناس على أرض الله هو بره الجم بوالديه، وقبل ذلك بجده الراحل رحمه الله، وحبه الكبير لفعل الخير، ومشاركة مجتمعه في بذل الطيب والمعروف في أقدس بقاع الأرض كافة وتحديداً في المسجد الحرام من خلال تطوعه بخدمة ضيوف بيت الله الحرام.
ونحن نعلم جميعاً ياشهيدنا محمد أن رحيلك المؤلم على يد غادرة ماهو إلا رحيل قد سبق ثنايا أوقاتنا المحدودة، وأعماق أنفاسنا المعدودة، ومطامع آمالنا العديدة والتي حتّى عند قبيل الوداع لا تنتهي … ! ونحن يا شهيدنا في حقيقة الأمر في طرقات هذه الحياة مابين ذهاب فيه مشقة، وإياب مُتعب، ولذلك فالمسافة بين رحيلك وبقاؤنا على قيد الحياة هي مجرد وقت سوف يمضي مهما كان، وحدث سوف ينقضي مهما طال، فلن يخلد في هذه الدنيا الغرورة أي كائن، ولو كانت مُنتهى الآمال لخُلد فيها سيد الخلق أجمعين، ولكن بإذن الله سوف نلتقي غداً في الفردوس الأعلى من الجنة، ونشرب من حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وعزاؤنا فيك يا محمد ما سمعناه عن أخلاقك الفاضلة، وإنسانيتك العظيمة. غفر الله لشهيدنا محمد القاسم ورحمه وأسكنه فسيح جناته، وألهم والده ووالدته وأهله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.







اللهم آمين آمين
وجزى الله الكاتب خير الجزاء ورحم الله الشهيد بإذن الله وغفر له
اللهم اربط على قلبي والديه وعلى قلوب أهله وأرزقهم الصبر والإحتساب