المقالات

كوميديا أبو دم سخيف

المتأمل في المحتوى اليومي في وسائل التواصل الاجتماعي، يجد أنها أفرزت أنماطًا متعددة من الطرح؛ بعضها ثري ومفيد، وبعضها الآخر لا يعدو كونه استعراضًا رخيصًا على حساب الآخرين. وأكثر ما يثير الدهشة أن نرى صُنّاع محتوى يقدّمون أنفسهم على أنهم “خفيفو دم”، بينما حقيقتهم أنهم يمارسون السخرية والإسفاف تحت شعار “الطقطقة”.

الأدهى أن بعضهم يظهر بثقة مبالغ فيها، وكأن الجرأة تُقاس بقدرة المرء على التهكم على أفراد المحتمع، وعلى  طلاب الطب والهندسة أو حتى على كبار السن في المولات! وكأن الكوميديا لا تُصنع إلا من خلال إهانة الآخرين أو الانتقاص من قيمتهم.

المعضلة أن هذا النمط من المحتوى لا يضيف شيئًا للذائقة العامة ولا يعكس فنًا راقيًا، بل يجعل المتابعين يضحكون على صانعه لا معه، ويسقط عن “المسخَّن” كل هيبة، ليكشف هشاشته الفكرية وضحالة طرحه. فالكوميديا الحقيقية فنّ رفيع، تحتاج إلى ذكاء وعمق ولغة، أما الإسفاف فليس أكثر من ضجيج عابر.

وقد يقول قائل: إن ذلك الذي جلس أمام الكاميرا برأس مكشوف، لم يكن يحمل فكرة ولا مضمونًا، بل كان يملأ فراغه بفراغ أكبر. تصويره لم يكن وليد إبداع، وإنما وليد “جمرة معسل” جعلت رأسه يتبخر ويهذري بما لا يدري. ولم يعلم المسكين أنه لم يزكم فقط أنوف متابعيه بسطحية طرحه، بل أزكم أنوف من حوله برائحة عفن دخانٍ يتسلل من شرفته، وكأن الرسالة الوحيدة التي بثّها: أن الفراغ يمكن أن يُسجَّل ويُبثّ على الهواء مباشرة.

وأتعجب أكثر من جرأتهم في التصوير والخروج أمام الملايين، وقد نصّبوا أنفسهم مؤثرين، وهم يظنون أن المشاهد ينتظرهم، في وقت يفيض الفضاء الرقمي بمحتوى رصين وجيد يطرحه آخرون بجهد ووعي.

ختامًا، آن الأوان أن نقول لهؤلاء: توقفوا عن العبث. الناس أحرص على كرامتها من أن تُستغل في مشهد هزلي، وإذا كان لا بد من الكوميديا، فلتكن كوميديا مسؤولة، تُضحك بعقل، وتنتقد بذوق، وتضيف معنى إلى المتلقي

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. لا ينفع أن نخاطبهم نقول توقفوا
    فهم ساهون لاهون وفي طريقهم ماضون
    ولعمرك انهم في سكرة السخرية غارقون
    يجب ان تتصدى لهم الدولة ممثلة في وزارة الإعلام
    حتى لاينشأ جيل هش يظن ان الجِدّ والمسؤولية ولوكانت على حساب الأمور العظام أو بحق الآخرين لابد ان تكون مشوبة بهزل وإسفاف واستخفاف
    كفوا!!!! ايها الحمقى عن بث سمومكم الفكرية التي لاتعدَّ أن تكون جيفة حمار او اكل اعراض الناس واموالهم هو هراء ودجل جمهوره للاسف عريض لايزيد الفكر سقماً
    الاّ يا رويبضة الكوميديا اعرفوا قدر انفسكم خيراً فلا وطناً رفعتم ولا خلقاً نفعتم
    وبهذا خسرتم دينكم وديناكم وإسعاد مجتمعكم

    ثريد# ابو اسامه

  2. أجزم أن أفضل طريقة هي مقاطعة منتجاتهم، اتركوها مكانها لتصبح مخللات حامضة.

اترك رداً على ابو اسامه إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى