المقالات

القناعة مناعة

قيل فيما قيل: القناعة كنز لا يفنى، وهي فعلًا كذلك. وما يجعلنا لا نستمتع بالحياة هو عدم الرضا بما لدينا، والتطلع دائمًا لما لدى الآخرين، والرغبة في الاستحواذ عليه أو الوصول إلى ما وصلوا إليه. وهذا في العادة يورث مرضًا نفسيًا يزداد يومًا بعد يوم.

لذلك فإن القناعة والرضا بما قسم الله سر السعادة والنجاح، وغالبًا ما تقترن القناعة بذكر الله، لأن بذكر الله تطمئن القلوب، فيرضى الرحمن، ويسعد الإنسان، وتذهب الأحزان.

ليس السعداء في هذا العالم من لا مشاكل لديهم، ولكن السعداء هم أولئك الذين تعلموا كيف يتعايشون مع ما لديهم من أشياء بسيطة ويقتنعون بها.

أن تكون سعيدًا فهذا لا يعني أن كل شيء مثالي، بل يعني أنك استطعت تجاهل كل ما هو غير مثالي.

في العالم كثيرون يبحثون عن السعادة، لكنهم يتناسون فضيلة القناعة. وما علموا أن القناعة كنز لا يفنى؛ فالحزن لا يرد الغائب، والخوف لا يصلح المستقبل، والقلق لا يحقق النجاح. بل الذي يحقق النجاح هو النفس السوية والقلب الراضي، وهما بلا شك جناحا السعادة.

عندما تتمتع برضا النفس وراحة الضمير فإن أصغر الأشياء تسرك وتشرح خاطرك، أما إذا فقدت ذلك فإن أكبر ملذات الحياة تعجز عن إمتاعك.

كثير من الناس يعتقدون أن كل سرور زائل، كما يعتقدون أن كل حزن دائم، فهم يؤمنون بموت السرور ويكفرون بموت الحزن، وهؤلاء لا محالة هم البؤساء.

وفي عالم اليوم أصبحت القناعة تحديًا كبيرًا، لأن وسائل التواصل الاجتماعي تعرض حياة مثالية زائفة مليئة بالرفاهية، مما يدفع البعض إلى الشعور بالنقص.

لكن الإنسان القانع يدرك أن السعادة الحقيقية لا تكمن في امتلاك المزيد، بل في الاستمتاع بما هو موجود. وهذا يمنحنا القوة لمواجهة ضغوط الحياة، ويجعلنا نركز على ما نملك دون أن نتطلع إلى ما يملكه الآخرون.

ختامًا: القناعة مفتاح السعادة الحقيقية والاستقرار النفسي، وهي دعوة للرضا بالمقسوم مع السعي للأفضل. ففي عالم مليء بالإغراءات والملهيات تظل القناعة درعًا يحمي الإنسان من الشعور بالنقص ويمنحه القدرة على عيش حياة متوازنة مفعمة بالرضا.

وأخيرًا: القناعة كنز لا يفنى. فلنحرص على استشعار هذه العبارة التي تمنحنا الطاقة الإيجابية، وتنمّي في أنفسنا صفة نبيلة، لنعش بسعادة وسلام.

* كاتب رأي ومستشار أمني

عبدالله سالم المالكي

كاتب رأي - مستشار أمني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى