المقالات

وتابعه قُفة..

ذكرتنى مداخلة تبرع بها أحد أعضاء جروب اشارك فيه بمقال قديم كتبته في 21 أبريل 2017، تناولت فيه حكاية «على جناح التبريزي وتابعه قفة»، تأليف الكاتب الكبير ألفريد فرج التي يترك فيها الخيال لبطل قصته التبريزي المفلس الذي فقد ثروته، ليُصوِّر نفسه كما يشتهيها، لا كما هي في واقعها، وهو ما ذكرني بشخصيات تعرفت عليها خلال عملي الحكومي .
صاحبنا.. على عكس شخصية التبريزي الخيّرة، يحقدعلى كل من حوله من أصحاب السمعة الطيبة، أو المكانة المجتمعية العالية. وقد تخصص إشعال النار في المناسبات التي يحضرها. وقد اخترتُ له اسم «تأبط شرًا».. حيث لا تشاهد تقاطيع وجهه إلا وعليها علامات الغضب والنفور التي تجعل حتى أقرب المقربين إليه يتجنب أن يكون حوله…إلا اضطرارًا!!
وإذا كان صاحبنا، « تأبَّط شرًّا»، كما سمَّيناه، يركب العظمة والجاه والمكانة، فإنَّ تابعه «قُفـة» لايملك من الصفات ما يُؤهِّله أن يخرج عن شخصيَّة الخادم التابع .. فلا مخبره، ولا مظهره يسمحان له بالخروج عن النصِّ .. أوتصنُّع ما لا يقدر عليه. فهو شخصيَّة ضعيفة منكسرة، أكبر ما فيها تبجح على الغير، معتمدًا على أنَّهم يتحاشون وضاعته، فلا يحرجون أنفسهم في الردِّ عليه، خاصَّةً عندما يعمد أن يكون هذا المشهد أمام المعارف والأصدقاء، الأمر الذي يضمن له أنَّ الطرف الآخر سيترك له الميدان يصول فيه ويجول كما يشتهي .
هذاالإنسان .. وأقصد« قُفة»، يسير خلف « تأبَّط شرًّا » في كلِّ مناسبة، يقول ما يُريد سيِّده أن يقوله، حتَّى لو ناقض نفسه، وبدَّل أقواله، دون أن يتوقَّف لحظة ليُفكِّر فيما يمكن أن تجرُّه عليه أفعال سيِّده، وكأنَّه مسحور. وعادةً ما يكون هو ما يُسمَّى بالـ «كاموفلاج camouflage» ، التمويه أو الوميض، الذي يُطلقه السيِّد، كي يُزغلل عيون ضحاياه، إذا أراد الانسحاب فيما لو انقلب السحرُ على السَّاحر . فتتوجَّه له الأنظار، بينما يختفي «تأبَّط شرًّا» ليُواجه تابعه كل اللوم والتقريع .. وسوء المنقلب .
وأخيرًا.. هذه الشخصيات، وتلك المواقف، تكشفُ عن جوانب التناقض الكبير في نفس الإنسان، وصراعات النَّفس وأرجحتها بين الخير والشر. ولادور للكاتب هنا إلاَّ تصويرها، ووضعها أمام الناس، فقد يجد فيها كلُّ شخصٍ مكانه من الإعراب !. وأعود مجدداً لتلك المداخلة « القميئة »، وصاحبها «قُفـة» وأقول له: أرثي كثيراً لحالك أيها البائس

#نافذة_شعرية:
أحبّني ..
أو
اكرهني ..
هذا لا يعنيني!
فأنت في كلا الحالتين
مشغولُ بي!
***
إن أحببتني
سأكون في قلبك ..
وإن كرهتني
سأعيش في عقلك
***
أنت في كل الأحوال
مربوط ..
و عِقَالُك في يدي!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى