المقالات

اليوم الوطني السعودي… بين ذاكرة التأسيس وآفاق المستقبل

د. فيصل أحمد صالح الشميري

يمثل اليوم الوطني للمملكة علامة مضيئة في مسيرة الوطن؛ فهو لا يقتصر على الفرح والاحتفال، بل يؤكد العهد بين الشعب وقيادته على المضي نحو مستقبل واعد بالخير، مستمدًا قوته من تاريخه العريق. كما يأتي سياسيًا ليؤكد استقرار الدولة وتماسكها وسط محيط مضطرب، واقتصاديًا لإبراز نهضتها العملاقة، واجتماعيًا لتعزيز اللحمة الوطنية، وثقافيًا للتعبير عن الأصالة التي لم تتزحزح رغم انفتاح الأفق واتساع الرؤية، وإعلاميًا لغرس الاعتزاز بالوطن في نفوس الشباب، وإحياء التراث في وجدانهم، وتحفيزهم على الإنجاز بما يليق بمكانة المملكة.

ويأتي اليوم الوطني الـ95 هذا العام بهوية بصرية جديدة تحمل شعار “عِزّنا بطبعنا”، للتركيز على القيم والشخصية الوطنية المرتبطة بطباع الشعب السعودي الكريمة، وربطها بالقيم المتوارثة. ويرافق ذلك فعاليات متنوعة تشمل الحفلات الموسيقية، العروض الجوية، الألعاب النارية، عروض الطائرات بدون طيار، إضافة إلى معارض ثقافية وفنية وترفيهية في مختلف مدن المملكة.

كما يركز الاحتفال على إشراك المواطنين والمقيمين في الأنشطة العامة والخاصة، مع إجازة رسمية تمكّنهم من المشاركة. ويُعزز ذلك قيم الهوية والثقافة الأصيلة، ويوسّع دائرة المشاركة المجتمعية للأفراد والمؤسسات عبر فعاليات مختلفة، متصلة برؤية المملكة 2030 وما تحمله من منجزات تنموية مستدامة، وتحسين جودة الحياة. وقد برزت إنجازات ملموسة منها: نمو الاقتصاد غير النفطي، تحقيق مرونة في مواجهة الصدمات العالمية، انخفاض البطالة إلى مستويات قياسية، ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلى جانب مواجهة التحديات المالية عبر إصلاحات هيكلية مستمرة.

كما تواصل المملكة تعزيز علاقاتها الاستراتيجية، ومنها توقيع اتفاقيات دفاعية مثل الميثاق الدفاعي مع باكستان، بما يرسّخ مكانتها كقوة إقليمية وركيزة للاستقرار. وعلى الصعيد الداخلي، أُنشئت وحدة متخصصة بوزارة الداخلية لمعالجة القضايا الأمنية والاجتماعية المرتبطة بالسلوكيات العامة، مع تعديلات تشريعية لدعم الاستثمار وجذب المستثمرين، فضلًا عن تمكين المرأة وزيادة مشاركتها في سوق العمل.

ثقافيًا، تشهد المملكة تنوعًا متزايدًا عبر معارض وفعاليات كبرى تجمع بين الفنون التقليدية والمعاصرة، والتعاون الثقافي الدولي، واستضافة فعاليات ضخمة تجعلها مركزًا عالميًا للجذب الثقافي والإعلامي والفني.

إن اليوم الوطني السعودي هذا العام يختلف في مضمونه ورسالته عن الأعوام السابقة، لمواكبته التحولات الكبرى التي تعيشها المملكة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وإعلاميًا. فرغم الانفتاح المتسارع، تبقى المملكة متمسكة بأصالتها وقيمها، مما يجعل تجربتها متفردة بين الأمم التي فقدت هويتها في مسيرة التغيير. وهي بذلك تمضي بخطى واثقة تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبتوجيهات ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله.

• عضو هيئة تدريس سابق بقسم الإعلام – جامعة أم القرى، الولايات المتحدة الأمريكية

د. فيصل أحمد الشميري

عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام بجامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى