المقالات

حديث الببغاوات

حضرت مناسبة زواجٍ لأحد الأصدقاء، وكان ضمن فعاليات تلك المناسبة القيام ببعض العروض التراثية الفنية، والمتمثلة في العرضة واللعب الشهري. وقد شاركتُ مع المشاركين في العرضة واللعب، وبعد نهاية الفعاليات جلس البعض للراحة وتناول بعض المشروبات.

فوجدتُ الشخص الذي بجواري يتحدث لمجموعة من الجالسين بجانبه، منتقدًا وساخرًا من بعض الأفراد الذين شاركوا في الفعاليات، فقال بسخرية وازدراء: “أشوف بعض الرجال المشاركين بالعرضة واللعب ما شاء الله يتقافزون مثل الغزلان، بينما نراهم في المساجد يصلون على كراسي”.

صاحب هذا الكلام لو حمد الله على العافية لكان خيرًا له من الوقوع في الاتهامات الباطلة، فذلك النقد القاسي لم يُراعِ أحوال الناس، ولم يعلم ما في أجسادهم من علل، ولا ما في قلوبهم من الغيبيات التي لا يعلمها إلا الله جل وعلا.

بعض الناس يتقمصون دور الببغاء ويتدخلون في ضمائر البشر، ويفسرون النوايا على أمزجتهم. بعضهم لا يفرق بين إمكانيات الإنسان وقدرته على المشي وأداء العرضة واللعب، وبين عدم استطاعته السجود والجلوس على الأرض للتشهد. فعدم استطاعته الجلوس للتشهد يجيز له استخدام الكرسي، بسبب آلام وخشونة الركبتين. وهذا هو سبب استخدامه للكرسي، وهو وضع صحي لا يمنعه من المشي ولا يعيقه عن أداء العرضة واللعب، لكون تلك الأنشطة تُؤدَّى في وضع الوقوف الذي لا يتطلب ثني الركبتين كما في التشهد.

هذا النقد والسخرية التي سمعتها في قاعة الأفراح، سمعتها أيضًا من عدد من المتحدثين في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي منصة “التكتك”، الذين يعتقدون أنهم يقدمون الوعي للمصلين ويحثونهم على أداء الصلاة بشكل مقبول. ولم يعلم أولئك النفر من قاصري الإدراك والمعرفة أنهم يأكلون لحوم الناس بالغيبة والبهتان، ويفترون عليهم بالظن السيئ، ويطلقون الأحكام الظالمة على السلوكيات الظاهرة دون معرفة الخوافي التي لا يعلم بها إلا الله.

ليتنا جميعًا نبتعد عن الترديد الأجوف والكلام الجارح، ونتأكد مما نقوله بحق الآخرين، ونصون ألسنتنا، قبل أن نتفوه بما يسيء إلينا ونحاسَب عليه، يوم لا ينفع مال ولا بنون. وفق الله الجميع إلى حسن القول والعمل، وهدانا الله وإياكم إلى طريق الرشد والسداد.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. احسنت قولا اباوليد فوالله هذه المقوله دائما ماتتكرر على السنة الكثير من الناس واللذين يريدون ان يموت الانسان قبل ان ياتي الله بأجله

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اسعدك الله يابو وليد وصح لسانك على هذا المقال الطيب وانت ماتجيب الا كل طيب ،
    اسأل الله ان يبارك فيك ويكتب لك الأجر

اترك رداً على غازي عائض المرزوقي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى