منذ أن خلق الله الخلق وهناك ضوابط للأفراد والجماعات تنظم أمور حياتهم وتعاملاتهم، وهذه الضوابط تختلف من مجتمع لآخر حسب تكوين ذلك المجتمع الفكري، والعقائدي، والموقع الجغرافي، والحالة الاقتصادية، ونمط العيش، كل هذه الأمور وغيرها تنشئ ضوابط اجتماعية وعادات وتقاليد وأعراف تضبط العلاقات والتصرفات والمحظورات بين أفراد تلك المجتمعات حتى أصبحت شي مقدس لايمكن المساس أو عدم الإلتزام به.
وقد اهتم علماء الإجتماع والنفس بدراسة تلك الضوابط الاجتماعية ومدى تأثيرها على السلوك البشري والتنشيئة الاجتماعية إيجاباً وسلباً.
وقد عرف البعض هذه الضوابط بأنها: أنماط سلوكية ومعتقدات مشتركة توجه سلوك الأفراد داخل المجتمع، وتؤثر على ضبط سلوكهم من خلال وضع معايير مقبولة وتحديد الأدوار، وتعزيز الإنتماء.
بالطبع كانت هذه الضوابط صارمة وقاسية لمن يخرقها ويتعرض لنكال ونفور وعقوبة، وبالتالي كان هناك إلتزام بهذه الضوابط خوفًا من العيب الإجتماعي وردة فعل المجتمع؛ لأن أي تجاوز سواء بالفعل أو الترك، يعرض صاحبة للعار ونبذ المجتمع له، وهذه الضوابط جعلت هناك تضامن إجتماعي وتوجيه لسلوك الأفراد بما يحقق الإستقرار وإشاعة الأمان.
وللأسف هذه الضوابط في الزمن الحالي بدأت تتلاشى، بل تنتهي تمامًا بسبب الإحتكاك بالثقافات والمجتمعات الأخرى. وأيضاً التأثر بوسائل التواصل الحديثة التي جعلت كل فرد يستطيع بكبسة زر الإطلاع على ثقافات الشعوب الأخرى، وأثر ذلك سلباً على مجتمعاتنا وأصبحنا نشاهد ذلك على تصرفات شبابنا ذكوراً وإناثاً سواء من حيث: اللباس أو الكلام أو الشكل الخارجي للشخص أو السلوكيات اليومية ويجاهرون بذلك سواء في الأماكن العامة أو عبر وسائل التواصل وما ذلك إلا بسبب ضعف أدوات الضبط الإجتماعي لدى المجتمع، كذلك التشبث بالحرية الفردية التي للأسف فهمت من قبل الأغلب بصورة غير صحيحة، بل والأدهى والأمر أصبح من يتمسك بضوابط المجتمع وينتقد مثل تلك التجاوزات يوصف بالرجعية والتخلف وأنه عدو التقدم والحضارة، ولم يفهم أولئك أن مجتمعاتنا لها خصوصيتها الإجتماعية، وقبل ذلك تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي نضم حياة الفرد والمجتمع في جميع مجالات حياته، ونحتاج فعلًا إلى أن يكون هناك حراك إجتماعي؛ لتثقيف المجتمع بعاداته وتقاليده وتعاليم دينه، وأن مانراه في المجتمعات الأخرى لايمت لنا بصلة؛ حيث أنها مجتمعات مادية ودنيويه، ولايؤمنون لا بقيم ولا بعادات تنظم حياتهم وسلوكهم، وليس لديهم ضوابط في علاقاتهم، ولابد أن يستشعر الجميع أهمية الحفاظ على تقاليدنا الثقافية والاجتماعية؛ لأن ذلك ركيزة أساسية تعزز الشعور بالإنتماء والفخر، وتشكل هوية الأفراد وتجعلهم يلتزمون بقيم الجماعة والارتباط بالأسرة ،وتنقل للأجيال مبادئ أساسية تحافظ على استقرار المجتمع والشعور بالمسؤولية والإنضباط.






