في عالمٍ تتسارع فيه حركة المال وتتداخل فيه المصالح، تعيش المملكة العربية السعودية اليوم مرحلة دقيقة من مسيرة التحوّل الاقتصادي، بين الانفتاح الاستثماري الذي يعزّز التنمية، وبين خطر الانفلات الاقتصادي الذي يهدد العدالة والنزاهة، لتقف الضوابط التنظيمية حارساً يوازن بين المصلحة والانضباط.
إنّ الاستثمار الأجنبي حين يدخل في أي دولة بلا قواعد صارمة ولا رقابة فعّالة، قد يتحوّل من عامل نمو إلى ثغرةٍ ينفذ منها الفساد والرشوة،
فبعض المستثمرين من المقيمين قد يستغلون مرونة الأنظمة أو ضعف المتابعة لتحقيق مكاسب غير مشروعة، عبر التحايل في العقود أو التستر التجاري أو تقديم الرشاوى لتمرير المصالح,وهنا يصبح المال وسيلة لتشويه العدالة بدلاً من أن يكون أداةً لبناء التنمية.
وليس المقصود من وضع الضوابط غلق باب الاستثمار، بل فتحهُ بطريقةٍ واعية ومسؤولة، بحيث يكون الاستثمار يخدم الوطن لا الأفراد، والمصلحة العامة لا المصالح الشخصية ، ويُعزز التنافس الشريف لا الاحتكار، ويُسهم في نقل الخبرة لا استنزاف الموارد, وذلك بلا شك سيزرع الثقة في اقتصاد أي دولة أمام مواطنيها والعالم.
ولعلّ الحد من الفساد يبدأ من ترسيخ ثقافة النظام والشفافية، فلا يُستثنى أحد من المحاسبة، ولا يُترك الاستثمار ساحةً مفتوحة للنفوذ والمصالح الخفية. فكل ريال يدخل الوطن يجب أن يكون معلوم المصدر والمقصد، وكل مستثمر يجب أن يخضع لضوابط واضحة لا يتجاوزها أحد.
إن المملكة وهي تسعى إلى تحقيق رؤيتها الطموحة، تدرك أن التنمية لا تُقاس فقط بالأبراج الشاهقة والمشروعات العملاقة بل بنزاهة النظام وعدالة السوق ولن يتحقق ذلك إلا بسن القوانين والأنظمة ومتابعة تطبيقها ومحاسبة من يخالفها.
لذلك فإن الضوابط ليست قيودًا على النجاح، بل ضمانات لاستدامته، ومتى ما أُحسن تطبيقها أُغلق باب الفساد، وازدهر الإقتصاد وارتفعت هيبة القانون، واستقام ميزان العدالة وهذا ما يحلم به كل مواطن ومقيم سواءً كان مستهلك أو مستثمر .
وقد خطت المملكة العربية السعودية خطوات جادة ومشكورة في مكافحة الفساد والقبض على المفسدين ومحاسبتهم والتشهير بهم ولا أدل على ذلك من البيانات المتكررة التي تصدر عن هيئة مكافحة الفساد ( نزاهة ) حينما يتم الضبط .
وأصبحت المملكة منارة العالم في الإقتصاد والنهضة والأمن واللحمة الوطنية ومكافحة الارهاب ومكافحة الفساد ومكافحة المخدرات وبناء الإنسان وتنمية المكان .
عبدالله بن سالم المالكي
كاتب رأي ومستشار أمني
الجمعة 14 / 11 / 2025
نفع الله بك.