المقالات

ولي العهد والرئيس ترامب… التاريخ يعيد نفسه!

لقاء الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت والملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود على متن الطراد الأمريكي يو إس إس كوينسي (CA-71)، الراسي في البحيرات المُرّة العظمى، كان حدثًا مفصليًا في التاريخ. وكان الرئيس روزفلت وقتها عائدًا من مؤتمر يالطا عام 1945م، حيث التقى قادة العالم لمناقشة مستقبل أوروبا ما بعد الحرب. وكان من نتائج لقاء الزعيمين روزفلت والملك عبدالعزيز توقيع اتفاقية كوينسي الشهيرة عام 1945م، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

أرست الاتفاقية استقرار منطقة الشرق الأوسط من خلال إرساء تحالف استراتيجي قوي بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، في مجالات متعددة، منها الأمن، ومكافحة الإرهاب، والحفاظ على توازن مصادر الطاقة. وقامت هذه الاتفاقية على تبادل المصالح المشتركة والتعاون في المجالات المختلفة؛ وأسس هذا التحالف شراكة اقتصادية وسياسية وأمنية امتدت لعدة عقود، أثرت بشكل كبير على الأمن والاستقرار في المنطقة والإقليم.

وضعت الاتفاقية اللبنات الأساسية الأولى لعلاقات قوية بين البلدين، بما في ذلك إرساء التمثيل الدبلوماسي، إضافة إلى تأسيس شراكة استراتيجية طويلة الأمد مبنية على المصالح المشتركة، بما في ذلك أهمية أمن الطاقة، ومراعاة الحقوق العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وبعد ما يقارب ثمانية عقود من لقاء الملك عبدالعزيز آل سعود بالرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء الماضي ضيفه الكبير ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض بمراسم استقبال فخمة. بدأت المراسم بابتسامة ومصافحة على السجادة الحمراء، تلتها مرافقة حرس الشرف للأمير بسيارة فارهة وصولًا إلى الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، وسط تحليق مقاتلات في السماء. وقبل الاجتماع الرسمي، تبادل الزعيمان حديثًا وديًا، وتجولا في أروقة البيت الأبيض لمشاهدة صور الرؤساء الأمريكيين السابقين.

وفي خطوة تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسميًا تصنيف المملكة العربية السعودية كحليف رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وشهد اللقاء بحث رفع الاستثمارات بين السعودية والولايات المتحدة إلى أرقام قياسية، كما جرى الإعداد لتوقيع صفقة محتملة لمقاتلات F-35، وهي طائرات مقاتلة أمريكية ذات تكنولوجيا متقدمة. وتم أيضًا توقيع اتفاقيات في مجالات الذكاء الاصطناعي، والطاقة النووية لأغراض مدنية ودفاعية بما يتوافق مع قواعد معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، بالإضافة إلى اتفاقيات في مجال التعليم والتدريب.

وخلال الزيارة، أقام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقرينته حفل عشاء على شرف ضيف أمريكا الكبير ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – حضره عدد من كبار المسؤولين من البلدين، وأعضاء من مجلسي الكونغرس والشيوخ، وقادة من قطاع المال والأعمال والتقنية، ورؤساء الشركات الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى