المقالات

الشغف” قوة دافعة لبلوغ الغايات.. ومواجهة التحديات وتخطي الصعوبات والمعوقات

ممّا لا شكّ فيه؛ إننا نعيش في عالم مُتجدِّد ويحفل مع بزوغ فجر كل يوم جديد؛ بكثير من المستجدات والمُتغيرات التي تستدعى وتستلزم كثير من آليات ومسارات الابتكار وتتطلب التفكير الابداعي وغير المألوف والتفكير خارج الصندوق، لمواكبتها، وللسير في ركب الحضارة، للإسهام في بناء مجتمعات مستقرة تقوم على أسس علمية وتنظيمية، وتعمل على تحقيق التقدم في كافة المجالات.
وهنا يبرز دور “الشغف”، الذي يُعرف بأنه القوة الدافعة التي تمنح الحياة معنى، وتدفع لمواجهة التحديات وتخطي الصعوبات والمعوقات، والمثابرة والمضي قدمًا نحو تحقيق الأهداف وبلوغ الغايات، ويمثل شعوراً عميقاً قوي ومكثفاً بالاهتمام بالحماس الشديد والرغبة العميقة واللامتناهية تجاه المشروعات والأنشطة والأفكار، وبالتالي ليكون “الشغف” هو الوقود الداخلي المُحرِّك للاستمرار في إنجاز ما تفعله والتفوق فيه، والدافع الذي يدفع لبذل المزيد من الجهود دون الشعور بالملل أو التعب، وتجاوز التوقعات والبحث باستمرار عن طرق للتحسين والتطور في مختلف المجالات، وبحيث تصبح الأعمال والأنشطة رحلة شيقة وممتعة مع الابداع والابتكار بدلاً من أن تكون هماً وعبئًا ثقيلاً، لكون “الشغف” محركاً داخلياً يجعل الفرد مستمتعاً بما يفعله ويجد قيمة فيه، ومصدراً للإلهام الذي يُثري الحياة، ومبعثاً على الرضا والإنجاز، ويمنح شعورًا مختلفاً وعميقاً يتغلغل إلى أعماق النفس بالرضا والسعادة والإنجاز ويزيد من الإنتاجية، والمزود الرئيس بالخطوات والأدوات اللازمة لبناء حياة ذات معنى وإنجاز، وذلك من منطلق أن كل شخص يحمل في داخله شغفًا فريدًا ينتظر أن يتم اكتشافه، ويتحين الفرص لتطبيقه على أرض الواقع وفي مختلف ميادين العمل.
الشغف الحقيقي يختلف عن الاهتمام العابر أو السطحي أو المؤقت، وذلك لكون “الشغف” يُعزز من شعورك بالهدف والغاية، لأنه يُعتبر قوة دافعة تُحرك نحو الإنجاز، وتُضفي على حياتنا قيمة، كما يُمثّل اهتماماً عميقاً ومستمراً يُولد لدى الإنسان شعورًا بالمتعة، والاندماج، والرغبة في التعلم المستمر، حيث إنه عندما يُمارس الشخص شيئًا ما بشغف، فإنه يشعر بالرضا والسعادة ، ويُقلل من شعوره باليأس واللامبالاة ولا يشعر بمرور الوقت، ويكون على استعداد تام لبذل المزيد من الجهد دون أن يشعر بالملل، وليُصبح العمل الذي يقوم به ليس مجرد واجب، بل هو مصدر للمتعة والتحفيز، ومن هذا المنطلق.. يعد “الشغف” خطوة حاسمة نحو بناء حياة مليئة بالمعاني والإنجازات، ويؤدي دوراً مهماً في تعزيز قدرتك على الإنجاز مما يُحسن من جودة الحياة بشكل عام، وذلك من خلال الاهتمام باكتشاف مكامن شغفك بتجربة أشياء جديدة، بالانضمام إلى ورش عمل، أو أخذ دورات تدريبية وتأهيلية، أو مُمارسة هوايات جديدة لم تُجربها من قبل، حيث إن كل تجربة جديدة، تشكل فرصة لاكتشاف مجالات جديدة قد تسهم في إثارة اهتمامك وتوليد ابداعاتك وابتكاراتك، ولتُصبح قادرًا على المساهمة بفاعلية في تقدم وازدهار المجتمع من حولك.
يُعدُّ “الشغف” أداة مهمة من أدوات تفجير طاقات الشباب، بوصفهم أجيال وقادة المستقبل وأمل التعبير، وقاعدة البناء والثروة الحقيقية من ثروات بلادنا الغالية، والوقود المحرك لعجلة التنمية، والتي اهتمت قيادتها الرشيدة – أيدها الله -، بتنمية قدراتهم الذاتية والعلمية بما يؤهلهم لرسم ملامح المستقبل، بتوفير الإمكانات اللازمة التي تمكن هؤلاء الشباب من صقل مواهبهم وتفجير طاقاتهم وقدراتهم الذاتية والعلمية، وإعدادهم إعداداً علمياً وفكرياً سليماً، ليكونوا قادرين على تحمل الأدوار المنوطة بهم في عملية التنمية وتوعية المجتمع، بما يمثله هذا الوطن الغالي من معانى، وما يفرضه الواجب على الجميع من تعظيم قيم الولاء للوطن والوفاء لقيادته الرشيدة – أيدها الله –، التي اهتمت اهتماماً كبيراً ومُتعاظماً بتوفير البيئات المناسبة لتنمية قطاع الشباب وتطوير مهاراتهم وتأهيلهم ودعمهم وتمكينهم بما يسهم في تقدم وازدهار البلاد، وبتطوير قدراتهم وتوفير الفرص اللازمة لهم لتحقيق أهدافهم، وتعزيز مشاركاتهم في مختلف المجالات، وتسخير جميع الإمكانات لتحقيق أهدافهم الاجتماعية والاقتصادية والرياضية والثقافية والعلمية والفنية وغيرها، وأن يكتسبوا التعليم والمهارات اللازمة للإسهام في اقتصاد منتج، ولتسهيل وصولهم إلى أسواق العمل التي يمكن أن يستوعب قدراتهم، بجانب العمل على تعزيز الارتقاء بالعمل الشبابي عبر توفير فرص التعليم والتدريب وخلق بيئة ريادية تشجع على الابتكار والإبداع، حيث يمكن للشباب بعد تزويدهم بالمعارف والفرص التي يحتاجون إليها، أن يشكلوا قوة إيجابية لدفع عجلة التنمية، لأن طموحات الشباب وطاقاتهم الحيوية؛ تمثل وقوداً لتحريك عجلة تطوير المجتمع الذي يعيشون فيه.
فمنذ إطلاق رؤية السعودية 2030، وضعت المملكة نصب أعينها تمكين الشباب كمحور أساس لتحقيق أهدافها، ولتمثل هذه الرؤية الطموحة؛ خارطة طريق لتحويل المملكة إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر وأمة طموحة، ووضعت الشباب في قلب هذه التحولات، بتوفير بيئة خصبة لهم لتطوير مهاراتهم واكتشاف مواهبهم، من خلال إعداد وإطلاق عدد من البرامج مثل برنامج تنمية القدرات البشرية، وصندوق التنمية الثقافي، ومبادرات دعم ريادة الأعمال، وغيرها، العديد من البرامج والمبادرات ضمن مشاريع التحول الوطني بهدف تعزيز مشاركة الشباب في المجتمع وسوق العمل، وتمكينهم من تحقيق تطلعاتهم والمساهمة في ازدهار وطنهم، والاستثمار في طاقاتهم وفتح آفاق جديدة لهم، وليُعد تمكين الشباب وتوفير الفرص الملائمة لهم من أبرز الأولويات التي تتبناها الدولة لتحقيق هذه المبادئ، باعتبارهم قوة محورية وعماد لمستقبل المملكة وتقدمها وازدهارها، وركيزة أساس من ركائز التنمية المستدامة، وبالتالي ليحظى قطاع الشباب بأدوار محورية في تحقيق أهداف الدولة، إذ يتصدرون كثير من الأنشطة والمبادرات الوطنية، ويسهمون بصورة فاعلة في المشروعات والبرامج التنموية، والأخذ بيد الشباب، وتوفير الوسائل المختلفة لرعاية مواهبهم وطاقاتهم الإبداعية وتمكينها، وخلق البيئة الصحية لنموها والدفع بها لترى النور، وترسيخ تأكيد عرّاب ومهندس “الرؤية” سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله –، على أهمية الشباب بقوله: “ثروتنا الأولى التي لا تعادلها ثروة مهما بلغت: شعبٌ طموحٌ، معظمُه من الشباب، هو فخر بلادنا وضمانُ مستقبلها بعون الله”.
والله ولي التوفيق،،،

* المُلحق الثقافي في سفارة خادم الحرمين الشريفين في أنقرة

د.م فيصل بن عبدالرحمن أسره

أستاذ الهندسة البيئية والمياه المشارك، بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى