يمثّل اختبـارا القدرات والتحصيلي محطة محورية في مسار القبول الجامعي. وتتأكد أهميتهما عندما تدرك الأسرة أن الاستعداد لهما عملية ممتدة، وليست مرتبطة بأيام محدودة قبل موعد الاختبار. فهذه الاختبارات لا تقوم على مبدأ النجاح والرسوب، بل تهدف إلى قياس مهارات التفكير والمعرفة. ولهذا يصبح دور الأسرة عاملًا رئيسيًا في رفع جاهزية الأبناء وتحسين أدائهم.
ويبدأ هذا الدور من فهم طبيعة كل اختبار. فالقدرات يقيس مهارات التحليل والاستنتاج وحل المشكلات، وهي مهارات لا ترتبط بمنهج دراسي محدد. ولذلك يُفضَّل أن ينجز الطالب والطالبة معظم محاولاتهما في الصف الثاني الثانوي؛ فالمحاولة المبكرة تقلل القلق وتساعد على تحسين الأداء تدريجيًا. أما في الصف الثالث، فمن الأنسب التركيز على الاختبار التحصيلي، لأنه يعتمد على الفهم التراكمي للمقررات العلمية.
ويمثّل الجانب النفسي عنصرًا حاسمًا في الأداء. فالبيئة الأسرية الهادئة، والرسائل الإيجابية، وتقدير الجهد المبذول تخفف التوتر وتعزّز القدرة على التركيز. وشعور الأبناء بالأمان العاطفي يساعدهم على استثمار مهاراتهم الحقيقية، ويمنحهم اتزانًا أكبر أثناء أداء الاختبار. وفي كثير من الأحيان يكون هذا الشعور هو الفارق بين أداء متوتر وآخر مستقر يحقق نتائج أعلى.
وتسهم المدرسة في دعم هذا الدور. فهي تقدّم معلومات دقيقة عن مستوى الأبناء. كما يتيح التواصل المستمر مع إدارة المدرسة والمعلمين صورة أوضح عن جوانب القوة وفرص التحسين. وتساعد نتائج الاختبارات التجريبية وبرامج المحاكاة في توجيه الجهد الدراسي، ومنع الاجتهاد العشوائي أو الضغط غير المفيد.
ومع تطور الأدوات التعليمية، أصبح بإمكان الأبناء الوصول إلى مصادر متعددة. وتشمل هذه المصادر البرامج التدريبية المدرسية، والبرامج التعليمية عن بُعد، والقنوات التعليمية، والمصادر الإلكترونية التفاعلية، والاختبارات المحاكية، وبنوك الأسئلة. لكن هذا التنوع قد يتحول إلى عبء إذا لم يُنظَّم بشكل جيّد؛ فالتنقّل بين مصادر كثيرة يشتت التركيز، ويبدد الجهد، ويرفع مستوى الضغط النفسي. ويصبح الأثر أكثر فاعلية عندما تختار الأسرة — بالتعاون مع المدرسة — مصادر تدريب محدودة وموثوقة ضمن خطة تدريبية واضحة.
ولرفع الجاهزية، يمكن للأسرة الاعتماد على مجموعة من المرتكزات الأساسية:
1. وعي مبكر بطبيعة الاختبارين وتنظيم المحاولات بين الصفين الثاني والثالث.
2. تخطيط مسبق للتدريب وجدولة دقيقة لمواعيد الاختبارات.
3. تنظيم وقت متوازن يتيح التعلم دون ضغط.
4. اختيار مصادر تدريب محدودة وموثوقة.
5. تعاون فعّال مع المدرسة والاستفادة من الاختبارات التجريبية والمحاكاة.
6. دعم نفسي مستمر قائم على الطمأنة وتقدير الجهد.
7. تقييم دوري للأداء وتحديد أهداف واضحة لكل محاولة.
إن رفع جاهزية الأبناء مسؤولية تشترك فيها الأسرة والمدرسة. وعندما تتكامل الجوانب النفسية والتعليمية والتنظيمية، يصبح الأبناء أكثر قدرة على تقديم أداء يعكس إمكاناتهم الحقيقية وطموحاتهم المستقبلية. وهكذا يقتربون بثبات من فرص جامعية أوسع وأكثر ملاءمة لقدراتهم.
قائدة تربوية
#الاختبارات_المعيارية






