رحل معالي الدكتور محمد العقلا، فغاب وجهٌ من أنبل الوجوه، ورحلت سيرةٌ تمشي على الأرض خُلقاً وتواضعاً ونبلاً، لم يكن رحيله مجرد فقدِ رجلٍ فاضل، بل غيابُ مدرسةٍ كاملة في الإدارة والإنسانية، مدرسةٍ علّمت أن المنصب لا يرفع المرء ما لم يرفعه خُلقه، وأن القوة الحقيقية تُقاس بصفاء القلب، واتساع الصدر، والقدرة على جمع الناس لا تفريقهم.
عرفه طلاب الجامعة الإسلامية أباً قبل أن يكون مديراً، قريباً من القلوب، حاضراً بابتسامته، واسع الصدر، لا يزيده الأذى إلا حلماً، ولا الإساءة إلا عفواً، وفي عهده شهدت الجامعة طفرةً علمية وتنظيمية، توازت مع تطورات عالمية عاشتها مؤسسات التعليم العالي، فكان — برؤيته الهادئة — قائداً يوازن بين الأصالة والتجديد، ويضع الجامعة في مكانها المستحق على خارطة العلم والمعرفة.
لم يُغره المنصب يوماً؛ كان في يده لا في قلبه، وظل مثالاً للرجل الذي يثبت أن القيادة الحقيقية هي في خدمة الناس، والوقوف معهم، ورعاية شؤونهم بصمتٍ وأمانة.
رحل الدكتور محمد العقلا في عمرٍ مبكر، لكن أثره لم يرحل؛ بقي في قلوب طلابه، وفي ذكريات زملائه، وفي التطور الذي شهدته الجامعة، وفي السيرة الحسنة التي تركها ميراثاً لا يُمحى.
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، ويجعل قبره روضة من رياض الجنة، ويكتب له منازل الشهداء والصالحين، ويجزيه خير ما يجزي عباده المحسنين.
0





