اللغة العربية لغة القرآن الكريم ، والسنة المطهرة، هي لسان الأمة ومرآة هويتها ، إنها ليست مجرد وسيلة تواصل بل هي رابط بين الأجيال ، وعنوان للانتماء والتاريخ، وقدرة فذة على استيعاب مستجدات العصر ،ومواكبة التطور والتغيير ، ولكن وفي خضم هذا الزمن الذي طغت فيه اللغات الأجنبية على المشهد، بدأت اللغة العربية تواجه تحديات تهدد رسوخها ،ففي الكثير من مؤسسات التعليم، خاصة في التعليم الأهلي، أصبح التعليم باللغات الأجنبية سمة بارزة، وباتت العربية في كثير من الأحيان مجرد لغة ثانوية، تدرس بشكل محدود لا يتناسب مع مكانتها وثرائها.
إن هذا التحول، الذي فرضه الاعتماد على النموذج التعليمي العالمي، قد أسهم في تراجع مستوى الطلاب في مهارات القراءة والكتابة، وأدى إلى انتشار ضعف واضح في إتقان علوم اللغة العربية، فالأجيال الجديدة التي نشأت وسط هذا النظام التعليمي المتأثر باللغات الأجنبية، تجد نفسها في مواجهة صعوبة في التعبير السليم باللغة العربية، بل وقد أصبحوا يفضلون اللغة الأجنبية في العديد من مجالات الحياة اليومية.
إذا كانت اللغة العربية قد صمدت في وجه كل العصور وتحديات الزمن، فهي اليوم بحاجة إلى وقفة جادة لإعادة الاعتبار إليها.
إن الحل يكمن في تصحيح المسار التعليمي عبر إدخال برامج تعليمية توازن بين اللغات الأجنبية والعربية، وتحقق الفائدة المرجوة للأجيال القادمة.
يجب أن تكون المناهج التعليمية في كافة المراحل، بدءًا من التعليم الأساسي وحتى الجامعي حاملة لهذا التوازن، بحيث لا تقتصر اللغة العربية على كونها مادة دراسية واحدة، بل تتغلغل في كل تفاصيل التعليم من خلال تدريس المواد العلمية والتكنولوجية بها، وتقديمها بشكل معاصر يجذب الشباب.
الأمر لا يتوقف عند المناهج فحسب، بل يجب إدخال برامج تدريبية للمعلمين تؤهلهم لتدريس اللغة العربية بأساليب مبتكرة، تواكب العصر وتعزز من مهارات الطلاب في التحدث والكتابة.
كما ينبغي تشجيع الطلاب على ممارسة اللغة العربية في حياتهم اليومية من خلال الأنشطة الثقافية والرياضية والفنية التي تجعل من اللغة أداة حية تُستخدم في كافة مجالات الحياة.
إنّ اللغة العربية هي الحارس الأمين للهوية الثقافية، وهي مفتاح العقول وسبيل الفهم والتفكير السليم ، ولذا، فإن حماية هذه اللغة من الانكفاء على نفسها ، أو التأثر المفرط باللغات الأجنبية هو واجب وطني وثقافي على الجميع من مؤسسات تعليمية وأسر وأفراد.
لنعد إلى لغتنا الأم، ولنستثمر في تعليمها، ولنُحسن استخدامها ليظل لساننا حاملًا لثراء تاريخنا وأصالتنا، قادرًا على مواكبة تطلعاتنا المستقبلية.
0






