تُثبت هذه القمة، التي سيكون أول محاورها الحرب الروسية الأوكرانية وقواعد الناتو، وأمن روسيا ومجالها الأمني، والكثير من المصالح الدولية والمواقف السياسية، أن مستقبل العلاقات الروسية الأوروبية بات، في هذه اللحظة، يعتمد على لقاء الروس بالأمريكان فقط. فأمن أوروبا سيقرره ترامب وإدارته نيابة عن حكومات ورؤساء أوروبا وبرلمان اتحادها.
ويحق لنا أن نتساءل: أين رأي دول الاتحاد الأوروبي المؤثرة في الصراع الدولي المتاخم لحدودها، والمؤثر على مجالها السياسي والاقتصادي والأمني، وحتى على استراتيجية الناتو وإطار عمله وعقيدته؟
قد يظن البعض أن هذه القراءة هي مجرد نظرة سوداوية تجاه ضعف التأثير الأوروبي اليوم على المسرح الدولي، لكن الحقيقة التي يعلمها الجميع أن أمريكا في عهد ترامب باتت تتحدث نيابة عن أوروبا كلها، وهي مخوّلة لتوقيع اتفاقيات ملزمة حول الأمن الأوروبي. وفي رأيي، فإن هذا الاعتقاد يشكل أقصى درجات التسليم، إذ إن ما يوافق عليه ترامب يصبح ملزمًا للحكومات الأوروبية بالتأكيد.
ثم إن بوتين، لو لم تكن لديه القناعة بالتأثير الأمريكي على أوروبا، لما فتح المجال لحوار غير مجدٍ مع دولة بعيدة عن خط التماس الساخن، ولا تقدم له ما يطمح إليه.
إن دول الاتحاد الأوروبي اليوم في أضعف عصر لها خلال قرن ونصف، وأصبحت تبعيتها لأمريكا محل استغراب كبير، إذ إن قرار الأمن الأوروبي كأنه مُصادَر تمامًا، وأجهزتها الأمنية ودوائرها السياسية تقف على رصيف الانتظار، تترقب فقط، وتأمل، وتذعن لما سيقرره الكبار خلال قمتهما في الأسكاء.
وإذا كان هذا هو الواقع، فكيف سيحمي الاتحاد الأوروبي مصالحه الدولية في ظل هذا الغياب؟ لا شك أن هذا الغياب ليس اختياريًا، وليس مبررًا، وسيترك أثره الواضح خلال زمن قصير.






