أسلوب ترامب المنتقد دائمًا لخصومه بشكل تهكمي طال الأمم المتحدة في آخر خطاب له.
وربما أدركت أمريكا أخيرًا أن الأمم المتحدة ليس لها أثر حقيقي في السياسة الدولية وصنع السلام. وهذه الحقيقة التي يجهر بها ترامب اليوم جاءت بعد إدانات أغلب الدول لإسرائيل. فكل ما تفهمه أمريكا، ممثلةً بإدارة ترامب، أن الخطر القريب من إسرائيل يستلزم أن تكشر عن أنيابها وتبدي امتعاضها وعدم رضاها عن الأمم المتحدة. هذه المنظمة التي يقودها الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الثانية منذ اليوم الأول لإنشائها، باتت في نظر ترامب غير مفيدة، لأن أمريكا من بين حلفاء الأمس أصبحت وحدها في دعمها لنتنياهو ومحاولة التغطية على الجرائم الإنسانية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في حق سكان غزة العُزَّل.
ويؤكد خطاب ترامب أيضًا أن الجهود التي قامت بها المملكة وفرنسا لدعم حل الدولتين وتحقيق الاعتراف بدولة فلسطين قد آلمت إسرائيل ومؤيدي سياسة نتنياهو، لأنها لا ترغب بالسلام ولا ترغب في إنهاء الصراع الذي طال أمده وزادت ضحاياه وثقُل همُّه على من أوجد إسرائيل ودعمها وكان سببًا في هذه المعاناة الطويلة.
الأمم المتحدة منذ نشأتها لم تكن يومًا منصفة، خاصةً للشعوب الضعيفة والدول المحسوبة على العالم الثالث! فهي منظمة دولية أسستها دول استعمارية على أنقاض عصبة الأمم، بغية تمرير مصالحها بطرق ملتوية عبر مجلسها “غير الآمن”، بفرض بنود الفصل السابع على عديد من الدول، وفرض عقوبات اقتصادية قد تصل إلى هجمات استعمارية على تلك الدول. ويمثل ظلم الاستعماريين باستخدام الفيتو عشرات المرات ضد الشعب الفلسطيني.
لا أحد يشك في كلام ترامب عن السلبية التي تعيشها الأمم المتحدة في كثير من القضايا المهمة التي تواجه العالم، بل الأسوأ من ذلك أن الأمم المتحدة لا تحضر في الوقت المناسب لتدارك أي أزمة، وإن حضرت فإن مشاركاتها ـ إن كان لها مشاركات حقيقية ـ تكون متأخرة وأقل من المطلوب. لكن السؤال الأهم: لماذا في هذا التوقيت ينتقد ترامب عمل الأمم المتحدة؟ ما الضرر الذي يتوقعه في الأيام القادمة من الأمم المتحدة؟ أمريكا لا تغضب إلا حين تشعر بخلل ما يضر بسياساتها أو مصالحها، والضرر هنا قد يتعلق بإسرائيل!






