ثمة جدل واسع بين المتخصصين في علم الاجتماع والإدارة حول إمكانية تطبيق بعض القواعد والأسس الإدارية على مستوى الأسرة. فهناك من يؤيد ذلك باعتبار الأسرة مجتمعًا صغيرًا يتكون من عدة أفراد، وبالتالي يحتاج إلى إدارة وتنظيم. وهناك من يقول إن للأسرة طابعًا اجتماعيًا بحتًا تحكمه العلاقات الأسرية المتعارف عليها.
والحقيقة أن الأسرة وسط اجتماعي يمكن من خلاله تطبيق القواعد الإدارية. والسؤال الأهم هنا: هل تحتاج الأسرة إلى قيادة إدارية أم إلى إدارة فحسب؟
إن المتخصصين في مجالات الإدارة يفرّقون بين القائد والمدير؛ فكل قائد مدير، ولكن ليس كل مدير قائد. والمعنى أن قيادة الأسرة ستتم بمفهوم قيادي يعتمد على الكاريزما والسمات أكثر من اعتماده على النظريات والقواعد؛ ذلك لأن عمق القيادة ينصب في قوة تأثير قائد الأسرة على التابعين له، ومدى بسط نفوذ الشخصية القيادية، وممارسة الإقناع والحكمة في إدارة الأسرة، مع الاستفادة من بعض قواعد وأسُس الإدارة.
وبالنظر إلى التغيرات المعاصرة، فإنه يمكن القول إن ما كان يصلح بالأمس في إدارة أمور الأسرة لم يعد صالحًا اليوم، لأن تلك التغيرات ألقت بظلالها على نظم العلاقات الاجتماعية ككل، وغيرت المفاهيم والقناعات المتوارثة عبر الأجيال. ولذا فإن القيادة بأساليبها الحديثة هي أنسب الأساليب الإدارية في رعاية وتوجيه الأسرة.
وإذا كنا نتحدث عن القيادة في مجال الحياة الاجتماعية، فإن طبيعتها تفرض استبدال أساليب الزجر والعنف بأساليب الحوار والمشاركة. ومن هنا تبرز أهمية القواعد السبع في إدارة الأسرة بأسلوب القيادة، لكي يتم استيعاب التغيرات والتكيف مع عجلة الحياة. وهذه القواعد هي:
- الرفق والاحتواء والتعاطف بديلًا عن الشدة والتحكم.
- المشاركة في القرارات الأسرية وحل المشكلات بالحوار والتفاهم.
- إعطاء الطفل أهمية، ووضعه في محكّات تُمكّنه من اكتشاف قدراته الذاتية.
- تجاهل المشكلات والأخطاء الصغيرة، مع تشجيع أطرافها على التصحيح والحل بطرق تربوية.
- توفير البدائل اللازمة لتعديل السلوك، وفحص تلك البدائل بعد كل استخدام لها.
- تطبيق أسلوب المحاكاة والقدوة والتحفيز المستمر.
- تعزيز التآلف الأسري وابتكار الأساليب الداعمة له لمواجهة الانكفاء على الأجهزة والتطبيقات.
وبرغم أن القواعد المذكورة مهمة للغاية، إلا أن هناك قواعد أخرى مكمِّلة وأخرى ابتكارية يمكن اكتشافها، إذ إن سرعة التغيرات تفرض علينا التفكير في تجديد أساليب إدارة الأسرة
