• لما كان تحول الطفل/ة من الحضن الأمومي الأسري إلى المؤسسة التعليمية؛ يعد نقلة نوعية في مجرى حياته، فإن ذلك يحتاج لتهيئة نفسية تكسر حاجز الرهبة والخوف من المجتمع الجديد، الذي يعج بالضوضاء والصخب، نتيجة للأعداد الكبيرة من الطلاب أو الطالبات، إضافة لما تستلزم البيئة الجديدة من انضباط وجدولة وتأطير بمعايير مدرسية مختلفة عن الحرية المعهودة في المنزل، ذلك التغيير قد لا يمر بسلام في مسيرة بعض الأطفال، سيما إذا لم يتم تهيئة الأسرة له، أو لم يجد الإشباع الكافي بين أحضان والديه؛ لخلافات أو انفصال أو لأي سبب آخر، وهنا يبرز دور المدرسة في وضع الانطباع الأول؛ جذباً أو نفرة!!
• ولقد أحسنت الوزارة صُنعاً عندما أوكلت تدريس طلاب الصف الأول تحديدا لمعلمات بدلاً من المعلمين، كونهنّ الأقرب لنفسية الصغير، والأكثر لطفًا والأقدر على التعامل مع الطفل، والأجدر قراءةً لحاجاته ورغباته التي لا يفصح عنها، كما أن ذلك يتيح للأمهات مرافقة ابنها أو ابنتها، والتواصل مع المدرسة عن كثب، وبالتالي يكون الأمر أكثر حميمية، كما أن التسليم والتسلم بين البيت والمدرسة يكون أيضاً أكثر سلاسة ووداعة، ولربما البيئة تكون هي أيضا أكثر قابلية وملاءمة للطفل؛ فمن أم إلى أمٍ( معلمه ومربية)!
• ولعل أكثر ما يدعو للقلق والرهبة لدى الطفل، وربما يشكل عائقاً لدى المدرسة هو بدء دوام تلاميذ الصف الأول مع انطلاق العام الدراسي الجديد، حيث توافد جميع طلاب المدرسة، وهو ما يجعل المدرسة بإدارتها ومعلميها في حالة تأهب قصوى، وربما ربكة استقبال وتوجيه الطلاب لفصولهم يعد الشاغل الأكبر، أضف لذلك استقبال أولياء الأمور، وربما مراجعين آخرين لقبول أو نقل أو غيره، الأمر الذي يعد صارفًا عن التركيز على المستجدين الصغار، وهو موقف مشتت ومزعج لمستجدٍ لأول مرة تطأ قدماه المدرسة- وإن سبق له الالتحاق بالروضة إلا أن الأمر هنا مختلف- ناهيك عن أن الطفل صفحة بيضاء مما يجعله غضًا طريًا سريع التأثر بأي موقف سيء يتعرض له، سيما اختلاف الفروق الفردية من طفل لآخر، وأيضاً اختلاف طرق التربية الأسرية؛ بين العزلة والاعتياد على مخالطة الجموع.
• وبما أن الهيئتات الإدارية والتعليمية تبدأ دوامها قبل بدء الدراسة الفعلية بأسبوعين تقريبا، للتهيئة النفسية والتنظيمية والمكانية لاستقبال الطلاب، فإن ذلك يقودنا للسؤال:
• لماذا لا يتم تقديم الاسبوع التمهيدي للطلاب المستجدين بالصف الأول ابتدائي في الأسبوع الذي يسبق انطلاق العام الدراسي وبدء الدراسة لبقية الصفوف؟!
• وأرى أن لذلك إيجابيات عديدة للمدرسة والمعلمات وأولياء الأمور من الأمهات وأيضا الطلاب والطالبات في ذات الوقت، ومنها:
⁃ تركيز المدرسة على الطلاب المستجدين، إذ تتهيأ وتتفرغ بكامل طاقاتها وتجهيزاتها لهم ومن أجلهم.
⁃ يتيح ذلك للأمهات اللاتي لديهن أرتباط بأعمال تعليمية أو وظيفية في جهات أخرى أو أبناء في مراحل عليا- مرافقة المستجد/ة بكل تؤدة وطمأنينة، إذ التركيز عليه/ها فقط.
⁃ كذلك الأمر بالنسبة للآباء، سيما المعلمين منهم، الذين يضطرون لإيصال أبنائهم المستجدين، أو من لديه أبناء آخرين في مراحل مختلفة ومدارس متعددة، مما يوحد توجههم واهتمامهم نحو ابنهم المستجد.
⁃ أضف لذلك أن هذا سيخفف العبء على معلمات الصف الأول، بل وسيتيح وقتاً ومكانا أرحب؛ لتنفيذ برامج ترويحية للمستجدين، مع إمكانية الدعم والمساندة من الزميلات الأخريات؛ لإثراء البرنامج وتسهيل دمج وإيلاف الطلاب والطالبات على الجو المدرسي برحابة واستقبال حافل وخاص بهم.
⁃ ستكون الفرصة سانحة أيضا لتعريف المستجد/ة بمرافق المدرسة عن كثب، وكذلك سيكون الوقت متاحاً لمشاهدة بعض برامج الشاشة المعدة والتي تناسب ميول الصغار وتستهوي رغباتهم، لمزيد من الجذب والتشويق.
⁃ ستكون تجربة الصغار أكثر ثراء وتشويقاً وسيكون الانطباع أكثر رضًا وقابلية، مما يعزز حب الطالب للمدرسة ويشوقه لطلب العلم بأريحية تامة.
• وحتى لا يهضم حق معلمات الصف الأول عندما يداومنَّ قبل زملائهنّ في التعليم بوقت مبكر؛ فإن ذلك يتطلب منحهم إجازة تعويضية قبل نهاية العام بمثل ما سبقوا، ولهذا أيضاً جانب إيجابي للطالب والمعلمة والأسر أيضاً على حدٍ سواء، منها:
⁃ سيخفف العبء على الأسر، بإتاحة الوقت للتفرغ لمتابعة أبنائهم في المراحل الأعلى.
⁃ حصول طلاب الصف الأول على إجازة مبكرة سيتيح الاستفادة من فصولهم في المدارس المكتظة بأعداد الطلاب، كما أن ذلك سيمنح الفرصة للإدارة المدرسة ومعلميها للتفرغ لاختبارات المراحل الأعلى.
⁃ سيتيح لمعلمات الصف الأول التفرغ لمتابعة أبنائهن بمختلف المراحل التعليمية.
⁃ ستكون بمثابة مكافأة لمعلمات الصف الأول لقاء جهودهنَّ وبذلهنّ بسخاء وإخلاص، وكذلك دوامهنَّ المبكر قبل غيرهنَّ.
• أخيرًا:
تتميز العملية التربوية التعليمية بأنها متجددة مرنة غير جامدة، لهذا فإن تطوير وتحديث النظام التعليمي كفيل بالتجاوب مع كل المستجدات، فيما يحقق المصلحة العامة، وبما يعود بالنفع والفائدة المرجوة للوطن؛ تقدما ورخاء!!
دعواتنا للجميع بالتوفيق والسداد!





