المقالات

بهجا لو كان حاضرًا الآن

منتخب أشبال الأطلسي، الذين يجدر أن نسمّيهم أسود الأطلسي، فالصفات المستحقة ليست بالأعمار بل بالأعمال.
عندما تابعت المباراة التي تأهّلوا من خلالها إلى نهائي كأس العالم للشباب، ثم فوزهم به بعد تغلّبهم على شباب الأرجنتين بنتيجة (2 – 0)، تذكّرت أمجاد منتخبات المغرب وتونس والجزائر، وكيف كانت تلك المنتخبات تنثر نجومها ليتلألأوا في سماوات أوروبا والعالم العربي عامة، والمملكة خاصة.

فمن ينسى بهجا ودياب وإمام والعقربي وباقي شلّة الإبداع المغاربية؟

ذكرني صديق قبل أيام بأن بهجا، في برنامج وينك، أشاد بي وحكى بكل ودّ كيف قمتُ باختياره وبعض التفاصيل عن تلك المسيرة، وذكر ما تجاهله كثير من اللاعبين السعوديين الذين اخترتهم أثناء إشرافي المباشر على فريق كرة القدم الاتحادي من عام 1996 حتى عام 2004.
ولا أريد أن أذكر أسماءهم، فهم كُثر، وهؤلاء منذ اخترتهم أسهموا في انتصارات المنتخب والفريق الاتحادي، وفي الوقت نفسه استلموا حقوقهم كاملة وزيادة.

وأعود إلى بهجا، وقد ذكرته في مقال سابق، ولكن هنا أقول له:
كنتَ علامةً مضيئة في سماء الاتحاد، وكنتَ وفيًّا، وظللت كذلك؛ لأن الأوفياء لا يتلونون ولا يتغيرون.

أما قصة اختياري لبهجا وتفاصيلها، مع ممانعة الإخوة أعضاء الشرف آنذاك، فهي مذكورة في مقابلات تلفزيونية.

وبمناسبة الحديث عن بهجا، يلحّ سؤال مستحق:
كيف لو كان بهجا في هذا الزمان؟
كم كان سيستحق حتى يُستقطب في زمنٍ أصبحت فيه عشرات الملايين مجرّد مقبلات!
بينما كانت قيمة شراء عقده آنذاك 500 ألف دولار فقط، عَدًّا ونقدًا لا غير.

اللاعبون الدوليون جزء من فريق يساهمون في فوزه، لكن بهجا، بحرفنته، كان فريقًا كاملًا يرعب الدفاعات المنافسة.
أليس أحرف من أي جناح أيسر في الوقت الحاضر؟
بل من بعض اللاعبين الآخرين الذين وجودهم كعدمهم!
وهذا إن لم يكن حالهم يتماهى مع المثل الشعبي:

“جبتك يا عبد المعين تعينني، لقيتك يا عبد المعين تنعان.”

وأعود إلى منتخب المغرب للشباب، الذين يضمّون نجومًا واعدة تستحق أن تكون تحت مجهر كشّافي الفرق.
ولكن يبدو لي أن أي لاعب لا بد أن “يعتمر القبعة الأوروبية” حتى يُقنع المسؤولين في الأندية بالنظر إليه، فسلامٌ، فَكلامٌ، فاستقطاب!

إن هؤلاء اللاعبين، بالإضافة إلى تميّزهم، لن يكلّفوا إلا فتافيت من المبالغ التي تُدفع اليوم، والتي يسيل لها لعاب أي لاعب.
وصراحة، تمنيت أن أكون لاعبًا… ولكن طبعًا في هذه الأيام، لا في زماننا الغابر، الذي كانت فيه الجزمة الرياضية – أكرمكم الله – مهرَ استقطاب أجدع لاعب، والشراب عليه من جيبه الخاص المهكّع!

في الختام، أهنّئ منتخبنا على وصوله إلى مونديال كأس العالم، وفي الوقت نفسه أذكر أنه في زمنٍ قبل زحمة اللاعبين الأجانب، كان مدرب المنتخب ربما يحتار فيمن يختار، أما الآن فيختار منهم ولا يحتار، لأن هذا هو الموجود، فيأخذ في كل خانة أحدهم، وربما يفعلها أحيانًا بالقرعة، فلا فرق!

ولكي يرتقي المنتخب – من وجهة نظري – لا بد من تقليص عدد اللاعبين الأجانب إلى خمسة على الأكثر.
فذلك سيتيح للاعبين السعوديين فرصًا أفضل للبروز، ويُعين الأندية على التصرف بحكمة في اختيار المحترفين الأجانب، والتحكم بالميزانيات بشكلٍ رشيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى