المقالات

المعلّم قلب الوطن

تُعد مهنة التعليم من أشرف المهن على وجه الأرض فهي مهنة الأنبياء والرسل والركيزة التي تنهض بها الأمم وتُبنى بها الحضارات فالمعلّم هو الذي يزرع في العقول نور المعرفة ويغرس في النفوس القيم ويصوغ الوعي الذي ترتقي به الأوطان

وفي المملكة العربية السعودية يحتل المعلّمون مكانة رفيعة تتناسب مع رسالتهم السامية إذ يبلغ إجمالي عدد موظفي التعليم نحو 619 ألف موظف وموظفة منهم أكثر من 513 ألف معلم ومعلمة ونحو 106 آلاف إداري وإدارية وفق إحصاءات حديثة من وزارة التعليم وتمثل هذه الشريحة أكثر من ثلث موظفي الدولة وهو ما يعكس حجم الدور الحيوي الذي يؤديه هذا القطاع في بناء الإنسان وتنمية الوطن

إن هذا الجيش المعرفي الهائل من المعلمين والمعلمات هو الذي يزرع في الأجيال بذور الفكر والانتماء ويرسّخ قيم المواطنة والإتقان والعطاء ومن هنا تأتي ضرورة أن يُمنح المعلّم في المملكة من المزايا والخدمات ما يعكس دوره المحوري وما يجعله نموذجًا للفخر والانتماء الوطني

ومن أبرز المقترحات إنشاء مستشفيات متخصصة للمعلمين والمعلمات في مختلف مناطق المملكة تقديرًا لعطائهم وحرصًا على صحتهم النفسية والجسدية فالمعلّم أكثر الفئات احتكاكًا بالمجتمع والأجيال الشابة وأشدها حاجة إلى بيئة داعمة ومستقرة كما يمكن أن تتضمن هذه المبادرة قاعات ومراكز اجتماعية وثقافية بأسعار رمزية تتيح للمعلمين وأسرهم إقامة مناسباتهم وفعالياتهم التربوية في أجواء تحفظ كرامتهم وتعزز روح المجتمع المهني

تحقيق مثل هذه المبادرات ينسجم مع أهداف رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى رفع جودة الحياة وتحسين الخدمات وتمكين الكوادر الوطنية فالمعلّم الذي يُقدَّر ماديًا ومعنويًا يصبح أكثر إبداعًا وأقوى عطاءً وأعمق انتماءً وهو ما ينعكس مباشرة على جودة التعليم ومخرجاته

فالمعلّم ليس ناقل معرفة فحسب بل هو باني الإنسان وصانع الوعي وركيزة الحضارة في كل زمان ومكان ومهنة التعليم ليست وظيفة تُمارس بل رسالة تُؤدّى وضمير يُستنهض وموقف يُبنى عليه مصير أمة بأكملها إن دعم المعلّم ورعايته واجب وطني واستثمار حضاري في رأس المال البشري الذي تتكئ عليه نهضة المملكة ومستقبلها فمن يزرع الفكر يستحق أن يُحصِد التقدير ومن يُعلّم الناس أولى الناس بالرعاية

أ. د. عائض محمد الزهراني

نائب الرئيس لإتحاد الأكاديميين والعلماء العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى