أهداني أخي الكريم الدكتور علي بن يوسف الزهراني، الأستاذ في قسم الدراسات القضائية في كلية الدراسات القضائية والأنظمة بجامعة أم القرى، كتابًا من الحجم الصغير بعدد 65 صفحة، بعنوان “سكان مكة بعد انتشار الإسلام”، لمؤلفه الشيخ عبدالله بن محمد الغازي المكي، الذي وُلِد بمكة المكرمة سنة 1291هـ، وتوفِّي فيها سنة 1365هـ.
يحتوي الكتاب على مقدمة قصيرة ذكر فيها المؤلف سكان مكة بعد انتشار الإسلام: وخروج أبناء الصحابة لنشر الإسلام خارج الجزيرة العربية، فكثر المجاورون وسكنها جماعات كثيرة من مختلف أجناس المسلمين، وهم المقصود بهم أهل مكة. ثم تطرق إلى عرض أخبار موجزة لعدد 59 عائلة مكية، وقبل إنهاء كتابه قام بعرض قائمة لأسماء 29 عائلة مكية أخرى.
في هذا الكتاب قام المؤلف الشيخ عبدالله الغازي بجمع أخبار عوائل مكة عبر العصور من مصدرين أساسيين لمؤلفين مكيين معاصرين له، هما: الأول من كتاب “الحديث شجون، في شرح رسالة ابن خلدون”، لمؤلفه الشيخ جعفر بن أبي بكر لبني المكي المتوفَّى سنة 1341هـ، والمصدر الثاني هو كتاب “نشر النور والزهر، في تراجم أفاضل مكة من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر”، لمؤلفه الشيخ أبي الخير مرداد المتوفَّى سنة 1340هـ.
وقد ذكر الشيخ جعفر لبني ما نصه: وقد علم من مجموع ما تقدم أن سكان مكة في ذلك العهد كانوا قريشًا ومن جاورهم من خزاعة، ثم جاء الإسلام وانتشر الصحابة في سائر الجهات، لم يبقَ فيها من الأهلين إلا قليل، مع من جاورهم من مسلمي الآفاق للتشرف بالجوار.
وكان عادة ملوك مكة أن ينادي مناديهم بعد أداء مناسك الحج: يا غريب بلادك، وهي عادة اتُّخذت من زمن الفاروق – رضي الله عنه.
وعن عوائل مكة القديمة ذكر المؤلف في بداية كتابه الأشراف الحسنيين، والسادة العلوية، وبيت دحلان، وآل الطبري المشهورين بمكة كونهم من نسل سيدنا الحسين – رضي الله عنه – وبيت اللبني الساكنين بباب السلام.
ومن البيوت التي اشتهرت بالفضائل ذكر بيت القطبي، وعمّهم قطب الدين من أهل القرن العاشر، وهو صاحب التاريخ الذي فصّل فيه تجديد عمارة المسجد الحرام، وإجراء عين زبيدة إلى مكة بعد أن كانت خاصة بعرفة ومزدلفة، وكان لمكة عين حنين.
ومن البيوت المكية المنقرضة ذكر المؤلف بيت المرشدي، والمنوفي، والباطشة، وعتاقي، والسنجاري، والشيبيون أصحاب مفتاح الكعبة المشرفة، وبيت نائب الحرم، والعجمي، وميرداد، وبيت سمبل، والمفتي، والقنق، والعطار، وبيت إلياس، وبيت كمال، وكذلك بيت جستنية وصنعتهم التجارة، وبيت الفتني، وبيت الكتبي، وبيت شطا، وبيت كوشك المنسوب إلى السيد عبدالله بن أمكن البخاري المشهور بكوشك.
وفي مكة بيوت كثيرة مشهورة من أجناس مختلفة غير ما ذكره المؤلف، فيها الكثير من الوجاهة والثروة، منها على سبيل المثال: بيت خوقير، والدهلوية، والبوقرية، وبيت ميرة، وفَدَا، والباز، وباناجة، وباناعمة، وبازرعة، وباعيسي، والقطان، والزقزوق، والخشيفاتي، والقرملي، والبتاوي، والفنتيانة، وبيت الدوم، وقدس، وسنبل، وغيرهم.
الكتاب لم يكن شاملًا لأسماء كل عوائل مكة القديمة، وإنما اكتفى فيه المؤلف بذكر ما اشتهر عنده من هذه العوائل المكية، وبالتأكيد هناك العديد من العوائل المكية التي لم يرد ذكرها في الكتاب.


