المحلية

الرماح العوالي في فضل أهل مكة على المتعالي

[COLOR=#FF0000]”الرماح العوالي في فضل أهل مكة على المتعالي”[/COLOR] أ. حسن شعيب

[JUSTIFY]الفضل من رب الفضل عِزّةٌ لا يعلوها فَخَار ، ولا تستقيمُ معه مفاضلاتُ البشر ولا قياساتُ العقلِ والنَظر ؛ فالمزيّةُ الإلهية هِبَةٌ ربانية لا تُنزَع ، وعطاءٌ بالحق لا يُمنع ، ومزيدُ إنعامٍ يستوجبُ الشكرَ واستشعارَ المِنّة في اصطفاءِ المُنعم واختيارِ المُتفضّل سبحانه وتعالى .

[CENTER][IMG]https://www.makkahnews.sa/contents/myuppic/053f3cd1b5e428.jpg[/IMG] [/CENTER]

لقد اختار اللهُ مكةَ لبيتهِ ومسجدهِ وحرّمَها وباركَ فيها ، واختارَ لها أهلَها وأكرمَهم بالخِدْمةِ والجِوَار ونعّمَهُم بمَزَايا يُغبَطُونَ عليها على مَرّ الأعْصَار ، وما أكثرَها الكتُبُ في فضائلِ مكةَ المُكرمة وفضْلِ أهلِها وسَاكنيها ومُجَاوِريها وكل ما يتّصلُ بها من حَجَرٍ وبَشَر .

وممّنْ ألّفَ فيها التربويُّ المَكيّ الدكتور مجدي بن محمد سرور باسلوم في كتابه “الرّماحُ العَوَالي في فضْلِ أهلِ مكةَ على المُتَعَالي” الصادر عام 1424هـ في حُلّةٍ قَشيبةٍ تزهُو بمسجدِ مكةَ الحَرَام وقد امتلأ بالعُمّار ، يناقشُ فيه مؤلفُه فضلَ مكة وفضائلَ أهلها في ضوء الكتابِ والسنّة في فصْلين هما :
الأول : في فضلِ مكة المكرمة ، وجاءَ في مبحثيْن : تناولَ أولُهما فضلَ مكة وحُرْمَتها وتعظيمها والأدلةَ على ذلك مُعرّجاً على مَعالمها وأسمائها كذلك ، وفي المبحث الآخر تناولَ المُفاضَلة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وما فيها من اختلاف واتفاق .

الثاني : في فضائل أهل مكة الكثيرةِ الوَفيرةِ ، وجمَعَ منها خمسةَ عشَرَ فضيلةً ناقشَ خَصَائصها وذكَرَ أدلتها ، ويمكن إيجَازَها فيما يلي : سُكنى مكة والمجاورة فيها ، فضيلة الأمن والطمأنينة ، كثْرة الخيْرات وسِعَة الأرزاق ، اختصاصُهم بالبيت الحرام والكعبة المشرفة ، مُضاعفةُ الحَسَنات ، دُخولُ البيتِ الحرام والكعبةِ المشرفة ، النَظَرُ إلى الكعبة ، الاستمتاعُ بالحَجَرِ الأسود واستلامُ الرّكنيْن ، الدعاءُ في المُلتزَم ، الطوافُ بالبيت ورَكعتيْه ، الشرْبُ من ماءِ زمزم ، السّعيُ بينَ الصّفا والمَرْوة ، المُتابعَة بين الحج والعُمْرة ، العيْشُ في البلدِ الذي نزلَ فيهِ القرآنُ ، تيسّر مُشاهدةِ المَعَالمِ المُقدّسَةِ .

وقد ختَمَ المُؤلفُ الكِتابَ بخاتمةٍ أكّدَ فيها على حُرْمةِ مكةَ المكرمة ووُجُوبِ تعظيمها ، والإجْمَاعِ على تفضيلِها كأفضلِ البِقاع قَاطبةً ما عدا البُقعةِ التي دُفنَ فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لشرفه وكرامته عند اللهِ تعالى ، وبَيَانِ أهميّةِ مَعَالم مكة المقدّسة وآثارها التاريخية المُبَجّلة ، ونِعْمة سُكنى مكة والمُجاورةِ فيها وغيرِها من الفضائلِ التي أُّكرِمَ بها أهلُها .

ونظرةٌ فاحصةٌ إلى واقعِ الحال نرى أحوالَ هذا الزّمنِ باتتْ تؤثّر سلباً – في الظاهر – على مُعْظمِ ما ذُكر بالكتاب من مزايا لأهل البلد الحرام ، ولا يَعلمُ حكمتَها سوى ربُّ البيْتِ الذي يَحْمِيه ؛ فمِنْ غَلاءٍ في السّكَن بمكةَ تملّكاً وإيجاراً إلى خرُوج أرْزاقها عن أهلها في يد الشّركاتِ الاستثماريّة الكُبرى ! ناهِيكَ عن انتشارٍ الحَوادث فيها على مستوى مناطق المملكة ! ومن اختصاصِ خِدْمةِ بيتِها الحرام وكعبتها المشرّفة في غيْرِ أهلِها الأدْرَى بشِعَابِها إلى صُعوبة الحُصُول على مَائِها زمزمَ إلا بالشّراء بعْدَ أن كانَ مُتاحاً للجميع ! ومن الزّحَام على الرّكنيْن وصُعوبة تقبيلهما أو استلامهما في ظلّ التواجدِ الغزير للحجّاج والمُعْتمِرين على مَدَارِ العَام إلى مَشقّةِ مُتابَعَةِ أهْلِها بيْنَ الحجّ والعُمْرة ؛ لتقنينِ الحجّ وضَبْطهِ بالتّصاريحَ الرّسميّة ، ومن إزالةِ دُورِ أهلِها وأحًيَائِها المُحِيطةِ بحَرَمِها التي كانتْ تُمَكّنُهم منْ لذةِ النَظَرِ لكعْبتِها عن قُرْب إلى غيابٍ لمُعْظمِ مَعَالِمِها النبويّة التاريخيّة تحتَ وَطْأةِ مَشاريعِ التطويرِ الكبيرَة ..!

إنّ ما خَصّ اللهُ به مكةَ وأهلَها من مَزايَا وفضائلَ ؛ يضعُها وأهلَها في مكانٍ ومَكانةٍ عَاليةٍ غاليةٍ في عيْنِ العالمِ الإسلامي والمسلمينَ عامةً ؛ ويجعلُ المَسْؤوليةَ في القائِمينَ على خِدْمتِها وخِدْمةِ أهلِها كبيرةً عظيمة ؛ فلا أمانةَ لمَنْ خانَ أمَانتها ، ولا نزاهةَ لمن سرَقَ ثمَرَاتِها ، ولا عَدْلَ لمَنْ غلّبَ مَنْفعتَهُ على شُهُودِ أهلِها وضيُوفِها مَنافِعَها ، ولا حَقّ لمَنْ انتهَكَ حُقوقَ ضُعَفائِها فيها .. فحُرْمةُ الإنسَانِ المُسْلم أعظمُ منْ حُرْمَةِ الكعْبةِ المُشرّفة ؛ فكيفَ بإنسَانِ مَكة ؟!

وفي الختام يعدّ هذا الكتابُ رسالةً مباركةً في فضائلِ مكةَ المُكرّمة وأهلِها الكرام لا يَستغني عنها كلُّ مُسْلمٍ مُشْتاقٍ أو ساكنٍ أو مجاورٍ للبلدِ الحرام ينبغي أنْ يعلمَ ويُدركَ عظمَةَ المَكان الذي أُكْرِمَ بوُجُودِهِ أو تَوَاجُدِهِ فيهِ ، ولا يُؤخذُ على الكِتَابِ سوى غيابُ مَسْرد المَرَاجعِ عنهُ رغم إثباتها في هوامش الكِتاب ؛ فلا تخفى أهميةُ وُجود قائمةِ المراجعِ في الكتُبِ العلميّة ؛ ليرجعَ إليها الباحثُ المُتوسّعُ حسب طبَعَاتِها وتحقيقاتِها التي تمّ الرّجُوعُ إليها ، فتعمّ الفائدةُ وتتّسع المَعْرفةُ .

[COLOR=#FF0F00]* مِن آخِرِ السّطْر : [/COLOR]

في أحَد المَجَالس العلميّةِ لشيْخنا السيد محمد بن علويّ المالكيّ الحسنيّ ( رحمه اللهُ ) رَوى لنا قولاً لبعْضِ السّلَف يقولُ فيه : “لأنْ تكونَ في بلدٍ وقلبُكَ مُشتاقٌ إلى مكةَ متعلّقٌ بهذا البيْت ؛ خيرٌ لكَ مِنْ أنْ تكونَ فيهِ وأنتَ مُتبرّمٌ بالمُقامِ وقلبُكَ في بلدٍ آخر” ؛ وقد وجدْتُ بعضَهم أغلظَ في ذلك كما روى الفاسيُّ في “شِفاء الغرَام” عن أبي عمرو الزجاجي قال : “من جاوَرَ بالحرَمِ وقلبُهُ مُتعلّقٌ بشيءٍ سوى اللهِ تعالى ؛ فقد ظهَرَ خُسْرانُهُ”.. اللهمّ ارزقنا الأدبَ مع حُسْن التعلّق ببيتِكَ الحَرام أهْلاً ووَلداً ، ولا تجعلْ في قلوبنا سِواهُ بَلداً . [/JUSTIFY]

—————————

[COLOR=#F60707]مقالات سابقة[/COLOR] [url]https://www.makkahnews.sa/articles.php?action=listarticles&id=46[/url]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى