المحلية

الصحفي المتجول لـ (دهاليز الصحافة) : فضلت المدينة على عكاظ و الجزائرية أحرجتني مع الملك خالد

حوار – عبدالله الزهراني

تستهل صحيفة مكة الإلكترونية برنامجها الرمضاني في ([COLOR=#FF0800]دهاليز الصحافة[/COLOR]) تلتقي من خلاله بنخبة من الصحفيين والكتاب الذين صالوا وجالوا في صحفاتنا السعودية لنستعيد معهم ذكريات الماضي وبداياتهم الصحفية في تلك الحقبة الزمنية الهامة من تاريح الصحافة السعودية .

ضيفنا اليوم الصحفي المشاكس – الذي أبى إلى أن يتمسك بلقب (الصحفي المتجول) وهو أحمد سعيد مصلح – يتناول في لقائه مع صحيفة (مكة) جوانب من حياته الصحفية – فيعرفنا عن نفسه قائلاً :

بادئ ذي بدء يقول :إسمي[COLOR=#FF1700] أحمد بن سعيد مصلح السارحي الغامدي[/COLOR] – لم أولد وفي فمي ملعقة من ذهب كغيري.

أما بدايتي مع الصحافة فكانت بمحض الصدفة .حيث كنت أعمل بمعهد قوات الدفاع الجوي بجدة –مدرسة الدفاع الجوي(سابقاً) وكان ذلك في عام 1398هـ وإرتأت قيادة المدرسة حينذاك إصدار نشرة إسبوعية إسمها (الفداء) وهي نشرة تعني بالشئون العسكرية – وكلفت بأن أكون نائب رئيس تحريرها حيث كان رئيس تحريرها حينذاك المقدم فواز خالد السعد رحمه الله – تلك هي بدايتي في العمل الصحفي .

في نفس الوقت إنطلقت للعمل الصحفي – كمحرر متعاون لمدة عامين في صحيفة المدينة بجدة – حيث كنت أتجه من مقر مدرسة الدفاع الجوي في أقصى غرب جدة إلى مقر الصحيفة في طريق مكة – أقصى شرق جدة.وكانت طبيعة عملي في صحيفة المدينة– جلب الأخبار والتقارير الصحفية للمدينة إضافة إلى مسئولية توقيع طبعات الجريدة وكنت أداوم لمدة 16 ساعة في اليوم مابين مدرسة الدفاع الجوي وصحيفة المدينة.

[CENTER][IMG]https://www.makkahnews.sa/contents/myuppic/053b20a63f15e9.jpg[/IMG][/CENTER] [CENTER]لهذه الأسباب فضلت المدينة عن عكاظ .
[/CENTER]

وعند بدايتي في العمل الصحفي وجدت التشجيع والدعم من زملائي في صحيفة المدينة وهم أحمد محمد محمود رئيس صحيفة المدينة حينذاك ومديري التحرير على خالد الغامدي والمرحوم سباعي عثمان . وفي تلك الفترة التي كنت متعاوناً فيها مع صحيفة المدينة – عرض علي المرحوم عبدالقادر سالم شريم – وكان حينها مدير تحرير صحيفة عكاظ بأن أتعاون مع عكاظ ولكني رفضت ذلك وفضلت العمل في صحيفة المدينة لعدة أسباب ومن أبرزها أنها كانت الصحيفة السعودية الأولى .

وفي عام 1398هـ بدأت كتابة زاوية يومية (الصحفي المتجول) بصحيفة المدينة وهي عبارة عن زاوية خفيفة وساخرة لاقت تجاوباً وإعجاباً كبيراً من جمهور القراء ولله الحمد والشكر.

وعن الأعمال الصحفية التي أسندت له في بداية عمله بمهنة البحث عن المتاعب يقول الصحفي المتجول:
كانت محددة في البداية وهي جلب الأخبار والتحقيقات الصحفية الميدانية وكنا نركض خلف الخبر ولم يكن الخبر يركض خلفنا كما يحدث حالياً.

[COLOR=#F32D20]وعن المناصب التي تولاها خلال مشواره الصحفي أجاب مصلح بقوله :[/COLOR]

كانت عديدة فلقد تقلدت العديد من المناصب في صحيفة المدينة منها محرر ميداني – ثم سكرتير تحرير تنفيذي – سكرتير تحرير للطباعات المسائية – نائب مدير تحرير وأخيراً مدير تحرير بالإضافة إلى كاتب صحفي . كما قمت بدور الصحفي الخفي – حيث كنت أتقمص بعض الشخصيات على الطبيعة مثل التسول – بائع – شريطي حتى أحصل على سبق صحفي بهذه الوسيلة – وللعلم فإن هذه النشاط الصحفي(الصحفي الخفي) يعتبر من أخطر الأعمال في عالم الصحفي رغم فكرته وروعته.

[COLOR=#F32D20]وعن أبرز العقبات التي واجهته في مشواره الصحفي يقول: [/COLOR]

يكفي أن الصحافة تسمى مهنة البحث عن المتاعب – ولقد واجهت كغيري من صحفيين العديد من المتاعب وهذا شئ عادي في حياة الصحفي والإ لما كانت صحافة – فلقد تعرضت للإيقاف عن العمل – وحتى التهديدات لم أسلم منها.

[COLOR=#F32D20]س : من هم زملاء المهنة الذين عملت معهم؟[/COLOR] ج : هم كثر بعضهم غادر الصحافة نهائياً والبعض الآخر توفاه الله – وآخرون لازالوا موجودين ويحتلون مناصب مرموقة في الصحافة اليوم .

س : هل سبق لك أن تجاوزت الخطوط الحمراء ؟ أم تتقيد بالتعلبمات؟
ج : حدث ذلك ولكني لم أكن متعمداً في تجاوز الخطوط الحمراء – بل كان الأمر بحسن نية ونتيجة ذلك فقد إستدعيت من قبل وزارة الثقافة والإعلام وجهات رسمية أخرى لأكثر من 21 مرة ولم تتجاوز العقوبة الإيقاف عن الكتابة لمدة معينة لاتزيد على ستة أشهر ثم يؤخذ علي تعهد ومن ثم أستأنف العمل مدة أخرى.

[COLOR=#F32D20]س : ماهي أبرز قضية صحفية مرت بك؟ [/COLOR] في حياتي الصحفية والتي إمتدت على مدى ثلاثة عقود واجهت عدداً من المواقف الصحفية سواءً الظريف منها أو الغريب ولكني هنا سأذكر عدة مواقف تعرضت لها.

الحدث الأول وهو عبارة عن مقالة نشرت في زاوية الصحفي المتجول – تناولت خلالها قضية إجتماعية عادية لكن عنوان تلك المقالة لا أعلم بالضبط كيف حدث إذ لم يكن لها علاقة بأي حال من الأحوال بالمقالة ! وكنت أعتقد أن الأمر يمر بسلام وبشكل طبيعي – ولكن في اليوم الثاني فوجئت بمكتب رئيس التحرير وكان حينها الدكتور مازن بليلة وهو حالياً عضو مجلس الشوري يدعوني إليه ويطلب مني أن أذهب إلى قصر السلام بجدة – حيث ورد طلب بذلك . بالطبع أنه حدث مهوول ومخيف – ترى ما علاقتي بالأمر – وماذا سيحدث حينما أراجع قصر السلام ولم أتنبه إلى كون الأمر مجرد ذلك العنوان الشاذ الذي تصدر المقالة .

إتجهت صبيحة اليوم الثاني وبالتحديد عند الساعة التاسعة صباحاً بينما كان الموعد هو عند الساعة الحادية عشر قبيل الظهر – ولكن عامل الخوف والفزع المسيطران علي هما اللذان دفعاني إلى الذهاب مبكراً! قبيل الموعد بنصف ساعة أي عند الساعة العاشرة والنصف – كنت عند بوابة قصر السلام بجدة – فوجدت إسمي موضوعاً هناك وإستقبلني ضابط برتبة رائد كان في قمة الأخلاق والتعامل حيث أمر أحد الأفراد بمرافقتي إلى القاعة المطلوب فيها.

دخلت إلى القاعة وأنا في حالة من الخوف مما سيحدث – وراودتني أفكار كثيرة عما ينتظرني من مصير – وعند الساعة الحادية عشر جاءني معالي وزير الإعلام حينذاك وبرفقته شخصين – وقاما بإبلاغي توجيهات الأب الحاني خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله وكان حينها ولياً للعهد بتلافي الخوض في مثل هذه المواضيع وعدم العودة إلي الطرح بهذه الطريقة ! وكان توجيهاً أثلج صدري فعلاً لأنه يصدر من والد إلى أبنائه في حكمة ومودة – وتخيلوا ماذا سيكون مصير مثلي لو كان في دولة أخري !

[CENTER]وردة تغني في مطار جدة !
[/CENTER] الحدث الثاني وهو لايخلو من الطرافة لم أتوقع في ذلك اليوم من شهر أبريل عام 1981م أن أتعرض لموقف محرج كهذا -وبرغم غرابة الموقف ولكنه لم يخلو من الطرافة لكل الحضور من شخصيات مرموقة في الدولة والذين إنهمكوا في الضحك -وسيظل ذلك الحدث في ذاكرتي إلى الأبد .
كنت حينها المحرر الميداني المكلف بتغطية حفل إفتتاح مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة تحت رعاية الملك خالد بن عبدالعزيز طيب الله ثراه وكانت بداية المناسبة أن رافقت زملائي بمهنة البحث عن المتاعب في جولة على متن حافلة مخصصة للإعلاميين وبعد إنتهاء الجولة توقفت بنا الحافلة عند بوابة القاعة المقررة للحفل الخطابي وقد سبقنا إليها في الداخل الملك خالد رحمه الله وأصحاب السمو الملكي الأمراء والوزراء والضيوف .
وبعد أن أخذ كلاً موقعه سمح لنا نحن محرري ومصوري الصحف ووسائل الإعلام المختلفة بدخول القاعة وكانت التعليمات تقضي بأن يضع كلاً منا جهاز تسجيله على المنصة الرسمية والتي كان يجلس عليها الملك خالد رحمه الله وعدد من كبار الضيوف .حيث وضعت جهاز التسجيل الخاص بي أسوة بزملائي الإعلاميين– وكانت آلة التسجيل حينذاك من النوع الكبير – وبفعل الإرتباك نسيت أن أقوم بتجهيزه لتسجيل الحفل الخطابي لكنني ضغطت على زر الصوت بدلاًً عنه ثم إنصرفت سريعاً إلى حيث الموقع المخصص لمندوبي وسائل الإعلام.

وما هي إلا ثوان قليلة حتى إنطلق عبر مكبرات الصوت بقاعة الحفل صوت المطربة وردة الجزائرية وهي تشدو بإحدي أغنياتها المشهورة حينذاك وسط دهشة الجميع في كيفية حدوث ذلك– وحدث إرتباك وقتي بين رجال الأمن المتواجدين بقاعة الحفل – ومما زاد من حالة الدهشة أكثر أن الملك خالد رحمه الله ومرافقيه ممن كانوا يجلسون على المنصبة قد إستغرقوا في الضحك ! وفي الأثناء أشار أحد رجال الأمن إلى جهاز تسجيل كان موضوعاً بين بقية الأجهزة على المنصة الرئيسية – ولكم أن تتصورا مدى الخوف الذي تملكني بعد أن إكتشفت إن جهاز التسجيل المعني يخصني ولكنني نسيت في تلك اللحظة تجهيزه على موقع التسجيل وتغيير الشريط ( الكاسيت) حيث كنت مرتبكاً حينها !

إتجهت نحو المنصة كما أسلفت وأنا بحالة خوف مما سيحدث ولكني لم أكن أتوقع ما حدث وخفف من هلعي وخوفي في وقت كانت القاعة فيه تضج بالضحك حينذاك وإبتسامة لن أنساها كانت تعلو وجه الملك خالد رحمه الله– ومما زاد من حالة الإطمئنان أكثر ممازحة الملك خالد رحمه الله لي– وبروح أبوية إنسانية وعبارات لن أنساها طول عمري حينما قال لي : هل أنت فنان أم صحفي ؟؟

[CENTER] ]المتوفاة التي عادت إلى الحياة ! [/CENTER]

هذه القصة التي سأذكرها لكم فهي الحدث الذي غير مجري حياتي الصحفية وجعلني أكثر جرأة – بدأ بما يشابه الكابوس بالنسبة لي وإنتهى بسبق صحفي – وهو من كان لها الفضل في تغيير حياتي من مجرد محرر عادي إلى محرر باحث عن المتاعب والمغامرات رغم غرابتها وماتعرضت له من مواقف محرجة كاد أن يكون مصيري السجن لولا لطف الله تعالى وحسن النوايا ومصداقيتها.

في شهر ربيع الثاني من عام 1396 للهجرة وأثناء تعاوني مع صحيفة المدينة بنظام عدم التفرغ للعمل الصحفي وعند الساعة الخامسة عصراً من ذاك اليوم الصيفي وأثناء خروجي من باب الصحيفة وكانت في طريق مكة المكرمة القديم فوجئت بعدد من الأشخاص من ذوي البشرة السمراء وكانوا في حالة غضب وهياج – إستوقفني أحدهم وسألني هل أنت تعمل في هذه الصحيفة فأجبته بنعم – تنهد وقال تعال معنا وسترى ماحدث – سألتهم ولكن ماذا حدث حتى أكون على علم به وماهي أهميته صحفياً- إلتقط الحديث شخص آخر مرافق له وقال (أمنا….أمنا) ويقصد والدتنا بالطبع – لقد حدث خطأ في تشريحها حيث كانت منومة في مستشفى باب شريف العام – وكان حينها المستشفى الحكومي الوحيد بجدة ولقد قرر الأطباء بأنها متوفاة وتم إدخالها إلى ثلاجة الموتى – وإستطرد قائلاً وبينما كنا نقوم بالتجهيز لنقل رفاتها وإذ بالإطباء يكتشفون أن ماحدث خطأ وأن والدتنا لم تتوفى وتم إعادتها إلى غرفة التنويم .

قفزت من الفرحة لهذا السبق الصحفي الخطير الذي سيدخلني إلى عالم الصحافة من أوسع أبوابها وقلت لهم سألحق بكم بسيارتي لكنهم أصروا على أن أرافقهم بسيارتهم هم ثم يعيدونني إلى مقر الصحيفة – ووسط هياج وغضب هذه المجموعة وعلى ما أذكر كان عددهم خمسة أشخاص وكانت السيارة عبارة عن سيارة صالون قديمة إتجهنا إلى مستشفى باب شريف وأمام بوابة المستشفى كانت في إستقبالنا مجموعة أخري من النساء والرجال فيما يبدو أنهم من أقرباء المرأة التي قيل أنها قد توفيت ثم عادت إلى الحياة . وتكرر نفس الموال من حالة الغضب والتذمر على هذا الخطأ الشنيع وإصطحبوني إلى حيث غرفة تنويم المرأة والتقيت بها – كانت سيدة في العقد الخامس من عمرها – تحدثت بدورها وهي في حال غضب عن هذا الخطأ الشنيع الذي كان سيؤدي بحياتها .

إنتهت مهمتي الصحفية وأعادوني إلى مقر الصحيفة – كنت كما ذكرت فرحاً بهذا السبق الصحفي الخطير – قررت إنهاء صياغة المادة ونشرها في اليوم الثاني وبالفعل إنتهيت من تسليم المادة مساء ذلك اليوم – وكان المسئول عن التحرير حينذاك المرحوم سباعي عثمان – والذي تأكد مني عن مصداقية الخبر قبل نشره وبعد التأكد من ذلك سمح بنشر الخبر ولازلت أذكر عنوانه البارز في صدر الصفحة الأولى (متوفاة تعود إلى الحياة بخطأ طبي)!

في اليوم الثاني أحدث هذا الخبر ضجة كبيرة بين القراء وتهافت الجميع على شراء الصحيفة وقراءة هذا السبق الصحفي الخطير – ولكن لم تستكمل فرحتي فما أن حان وقت الظهر حتى تبدل الأمور ونفت وزارة الصحة الخبر جملة وتفصيلاً وزعمت بأنه فبركة صحفية وطالبت بتقديمي للعدالة حيث تسببت في عملية إرباك وتزييف للحقائق نافية بحدوث أي شئ من هذا القبيل. وحينها تدخلت جهات أمنية أخري للتحقيق في الحادثة وحضر أحد ضباط المباحث العامة لمقابلتي في الصحيفة طالباً مني إحضار مايثبت هذه الواقعة وأمهلني ثلاثة أيام فقط لإثبات ذلك . أو أن سيتم مجازاتي على هذا التزييف .
وبعد مغادرته مبنى الصحيفة ووسط حالة الخوف التي تمتلكني كنت في نفس الوقت متأكدا من الحادثة ولكي أثبت ذلك فإن علي أن ألتقى مع أسرة الضحية وكانوا من أهالي منطقة رابغ والتي تقع على بعد 150 كيلومتر شمال جدة .

وبادر المرحوم الزميل أحمد بن سهل وكان حينها مسئولاً عن الإرشيف الصحفي بالجريدة وإستعد لمرافقتي إلى رابغ بسيارته – وبالفعل إتجهنا في اليوم الثاني إلى محافظة رابغ وبعد وصولنا إليها بادرنا بالسؤال عن عنوان ذوي الضحية .

كان الموقف غريباً ومدهشاً فعلاً – فلقد كان الجميع بما في ذلك العمدة يستهزئون ويستخفون بي على أساس أن الخبر غير صحيح وأنه فبركة صحفية – ومع ذلك بادر العمدة إلى إيصالنا إلى منزل ذوي الضحية – وكم كانت دهشتي وصدمتي حينما أنكروا الحادثة تماماً وأنكروا أنهم إلتقوا بي – بل ووصفني بعضهم بأنني مريض نفسياً أبحث عن الشهرة ولا شئ حدث مما نشرته وأن والدتهم لم تتعرض لأي مكروه !

كان فعلاً موقفاً محرجاً للغاية – عدنا إلى جدة ليلاً والخوف ينتابني فطلبت من المرحوم أحمد بن سهل أن يوصلني إلى منزلي – عشت بعضها أياماً رهيبة وعصيبة – نتيجة هذا الموقف الحرج الذي وضعتني فيه أسرة الضحية – حتى بلغ الأمر لأن أختفي تماماً – ومما زاد الأمور تعقيداً أن الصحيفة قد نشرت بعد عدة أيام تكذيباً للخبر وإعتذرت لوزارة الصحة ولذوي الضحية والقراء عما أسمته بأن خبر غير صحيح وفبركة صحيفة .

كان هذا الحدث بالنسبة لي جد خطير – شعرت خلاله إنني إنتهيت تماماً وأنه سيتم تقديمي للمحاكمة بتهمة الإزعاج والفبركة الصحفية – وفي أثناء ذلك وبعد ثلاثة أيام من حادثة النفي هذه أذكر أن أحد الأطفال من أقاربي قد دخل غرفتي وأخبرني بأن هناك شخص يقف بالخارج في إنتظاري ويطلب رؤيتي – فطلبت من الطفل أن يدخل الضيف إلى المنزل ولكن الطفل أخبرني بأن الرجل يصر على خروجي معه ومرافقته بسيارته – وحينها أدركت أن ما توقعته قد حدث فعلاً وأن هذا الشخص هو من الجهات الأمنية قد أتى للقبض علي .

خرجت وأنا بحالة خوف وإرتباك وإذ به شخص ملثم لا تبدو من ملامحه سوي عينيه وكان يمتطي سيارة فولكسواجن قديمة– طلب مني صعود السيارة فإمتثلت للأمر وصعدت مسلماً أمري إلى الله عز وجل ولكن الرجل أخذ يتحدث ويطمنني بأنه فاعل خير وأنه قد أتى لمصلحتى وإنقاذي مما أنا فيه من ورطة – ودون أن أعرف هويته أو إسمه قدم لي بعض الأوراق والوثائق وطلب مني النزول من السيارة وبعد نزولي – إختفى عن الأنظار وحتى هذا اليوم لا أعرف من هو .

عدت إلى المنزل مسرعاً ودخلت إلى غرفتي وبدأت أتصفح الأوراق والوثائق التي قام الشخص الكريم بتزويدي إياها – وإذ بها مفاجأة بل عملية إنقاذ جاءت في وقتها – كانت الأوراق عبارة عما يطلق عليه (بطبلة) تثبت وفاة تلك المرأة ثم محاضر أخري تكشف الخطأ الذي وقع وإعادتها من الثلاجة إلى حيث سرير التنويم .

لم أصدق ما رأيت وكأنما الأمر مجرد حلم – لا بل حقيقة – وأنا كذلك فقد قررت الإتصال برئيس التحرير المكلف حينها لأخبره بالتطورات الجديدة – فبادرت إلى تشغيل الهاتف الثابت بعد مضي عدة أيام قمت بفصله مخافة من هذه القضية الخطيرة – وبمجرد تشغيل الخط وقبل الإتصال إذ سبقني رئيس التحرير المكلف رحمه الله بأن أحضر فوراً لأن ضابط الجهة الأمنية في إنتظاري .

هذه المرة – لم أكن قلقاً أو مصاباً بحالة خوف بل كنت بالعكس فرحاً وسعيداً بأنني حصلت على سبق صحفي أخطر من ذي قبل لاسيما أن بحوزتي وثائق وأوراق تثبت الواقعة – واقعة المرأة التي أدخلت إلى ثلاجة الموتى ثم أكتشف أنها لازالت على قيد الحياة وتم أخراجها.

لم أتمالك تفسي من الفرحة قيادة سيارتي فإستغليت سيارة أجرة إلى حيث مقر الصحيفة وكانت الساعة حينها الثانية والنصف بعد الظهر – دخلت مسرعاً إلى مكتب مسئول التحرير وإذ بنفس الضابط كان يجلس في الكرسي المقابل له – قال رئيس التحرير المكلف وهو يمازحني (أين أنت ياشراد ياهارب) لقد أوقعتنا في حرج كبير أمام القراء وتسببت في فقدان الصحيفة لمصداقيتها – أجبته بسرعة : إطمئن تماماً فإن الحادثة قد وقعت فعلاً والدليل هذه الأوراق وسلمته إياها.

مضت دقائق عصيبة جداً –حين كان مسئول التحرير والضابط يتصفحان الأوراق – كنت حينها أنظر إلى شفاههم – وتعبيرات وجوههم ماذا عسى سيكون . وإذ بالضابط المسئول يقول لمسئول التحرير : هذا صحيح فهي أوراق صحيحة فعلاً وأود أن أضيف لكم بأن لدينا معلومات تثبت الواقعة – حيث قمنا بتكليف مصدر من مصادرنا للتحري عن الواقعة وقد أكد لنا مصداقيتها .

ودعنا الضابط وغادر مبنى الصحيفة – وبعد مغادرته أعلنت الصحيفة حالة الطوارئ لنشر خبر تأكيد الواقعة وهذه المرة بنشر الوثائق التي تثبت الواقعة – وهكذا في اليوم الثاني نشر الخبر على صدر الصفحة الأولى وصفحات أخرى مدعماً بالوثائق والقرائن التي أعادت للصحيفة الثقة بين القراء – وبالنسبة لي كانت سبقاً صحفياً مهماً لم ولن أنساه ولازال من الاحداث الميزة في حياتي الإعلامية حتى اليوم .

[COLOR=#F32D20]س :هل سبق وأن عوقبت صحفيا؟ ولماذا؟ [/COLOR] ج :سبق الإجابة عن هذا السؤال – والسبب هو طرحي لمواضيع مثيرة نتج عنها تعرضي للتحقيق والتوقيف أيضاً.

[COLOR=#F32D20]س: رغم ان الصحافة مهنة المتاعب لماذا تعشقها؟ [/COLOR] ج: حتى الآن لا أعرف لماذا عشفتها فهي مسرى الأوكسجين في دمي .

[COLOR=#F32D20]س :أذكر ثلاث شخصيات إعلامية تأثرت بهم ؟ وما هو سبب التأثير ؟ [/COLOR] ج :لم أتأثر بأحد – وليس هذا بفعل الغرور .. بل أن نوعية الكتابة التي أمارسها فيها النكتة وخفة الدم .وهذا غير موجود في الصحافة السعودية .

[COLOR=#F32D20]س :ماهو الفرق بين صحافة الأمس واليوم؟ [/COLOR] ج :الفرق كبير و هو أن صحافة الأمس تستحق أن يطلق عليها مهنة البحث عن المتاعب حيث كان الصحفي يركض وراء الخبر ويتجشم المتاعب من أجل الحصول عليه أما صحافة اليوم فهي أشبه (بكيس نوم) يأتيك الخبر من العلاقات العامة جاهزاً مجهزاً والجهد الذي يبذله الصحفي هو مجرد وضع إسمه فقط على الخبر ومن ثم نشره !

[COLOR=#F32D20]س : كيف تقيم مستوى الصحافة السعودية ؟ جيد – متوسط – ممتاز ؟ [/COLOR] ج :بعبارات مختصرة وموجزة – كانت ممتازة ثم أصبحت متوسطة وحالياً جيد وغداً مقبول وبعده لا أعرف !!

[COLOR=#F32D20]س :هل لدينا حرية إعلامية ؟ ولماذا؟ [/COLOR] ج :الحرية الإعلامية موجودة – ولكن لايوجد الصحفي الذي يمكنه التعامل مع هذه الحرية !

[COLOR=#F32D20]س : ماذا ينقص الصحافة السعودية اليوم؟ [/COLOR] ج :ينقصها الصحفيين الحقيقيون والكتاب الجيدون !

[COLOR=#F32D20]س : كيف ترى مستقبل الصحافة الورقية؟ [/COLOR] ج: أختلف مع كل من يؤكد بإنتهاء عصر الصحافة الورقية – حيث يمكنها الإستمرار ولكن وفق شروط ومنها وجود رئيس تحرير مميز – وكتاب على مستوى جيد ومهنية عالية والإبتعاد عن المجاملات والطرح السطحي .

[COLOR=#F32D20]س: ماذا تعرف عن هيئة الصحفيين السعوديين ؟ وهل أستفدت منها شي؟ [/COLOR] ج: أسمع عنها ولكنني لم ألمس لها دوراً على أرض الواقع . وبالنسبة لي لم أحاول حتى مجرد طلب أي شئ منهم!

[COLOR=#F32D20]س :لو كنت وزيرا للإعلام ماهو القرار الذي سوف تتخذه؟ [/COLOR] ج :أضع الإنسان المناسب في المكان المناسب بالنسبة للصحافة .

[COLOR=#F32D20]س : لديك ثلاث بطاقات دعوة للإفطار. لمن توجهها؟ [/COLOR] ج :أفراد أسرتي – زملاء المهنة – جيراني

[COLOR=#F32D20]س :لديك ثلاث بطاقات دعوة للسحور. لمن توجهها؟ [/COLOR] ج: لصاحب البقالة الذي أستدين منه – وقهوجي الصحيفة – والمراسل .

[COLOR=#F32D20]س :ماهي ايجابيات وسلبيات مواقع التواصل الإجتماعي؟ وهل لديك حسابات فيها؟ [/COLOR] ج : هي سلاح ذو حدين – على حسب الإستخدام ولايمكن الجزم بأنها مسيئة – يمكن إستخدامها لتوعية وتنوير المجتمع ويمكن إستخدامها للهدم والإساءة – أما بالنسبة لي فلدي حسابين في الفيسبوك وحساب مزور بإسمي في تويتر لا أعلم من أنشأه !

[COLOR=#F32D20]س :هل لا زلت تواصل الركض الصحفي؟ وأين؟ [/COLOR] ج: حالياً أنا أتمتع بإستراحة محارب !

[COLOR=#F32D20]س : كيف ترى مايعرض في القنوات الفضائية اليوم ؟ [/COLOR] ج : عبارة عن حوانيت (دكاكين) بعضها يعرض مواد غذائية جيدة والبعض الآخر مواد غذائية فاسدة !

[COLOR=#F32D20]س : ماهي العادة التي تحرص عليها في رمضان؟ [/COLOR] ج: ليس هناك فرق بين رمضان وبقية الشهور فجميعها أشهر عبادة .

[COLOR=#F32D20]كلمة اخيرة لقراء صحيفة مكة الإلكترونية؟ [/COLOR] ج: تهنئة حارة بمناسبة شهر الصوم المبارك أعاده الله على الجميع باليمن والبركات – وأشكر صحيفة مكة الإلكترونية – هذه الصحيفة الرائدة التي تبوأت مكانة مرموقة بين الصحف السعودية ويكفي أنها سميت بإسم البلد العظيم (مكة ) فهنيئاً للجميع بها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى