الحرمين الشريفين

بن حميد : الأخوة هي روح الإسلام ولب نظمه وشرائعه

مكة المكرمة/

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل والالتزام بها بينهم وبين الله والالتزام بالمجاهدة بينهم وبين أنفسهم والالتزام بالتواضع بينهم وبين الناس والالتزام بالزهد بينهم وبين الدنيا وان يعلموا أن الرحمة بالخلق باب الرحمة من الخالق فالراحمون يرحمهم الرحمن وان يتزينوا للعرض الأكبر يومئذ يعرضون لا تخفى منهم خافية فقد خف الحساب في الآخرة على من حاسبوا أنفسهم في الدنيا و تثقل موازين قوم في الآخرة وزنوا أنفسهم في الدنيا .

وأكد فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام أن محاسبة النفس تكون بالورع والتزين للعرض الأكبر في خشية ملك الملوك .
وقال فضيلته : الأخوة بين أهل الإسلام صلة عظيمة قائمة على الارتباط الوثيق إخاء تزدهر فيه علاقة النسب الإنساني مرتبطة بحقائق الرسالة الإسلامية وما تفرضه هذه الحقائق من مشاعر ومناهج ومباهج .

الأخوة هي روح الإسلام ولب نظمه وشرائعه وجماع جماعته وحكومته إخاء على الوفاء بتعاليم الإسلام والقيام على أحكامه وإنفاذ وصاياه والتزام أخلاقه .
وقال // إن دين الإسلام بعقائده وعباداته وأخلاقه جاء لينقل البشر والنفس البشرية إلى ميادين فسيحة وعوالم مشرقة من الفضائل والآداب وفي المقابل فان علوم الدين وأحكامه وتعاليمه تضمر وتضعف إذا غلب الهوى وطغى الانحراف وساد ظلم النفوس وظلم العباد .
إن المرء لا يوصف بحسن التدين إذا كان قلبه قاسيا وعقله غاويا ولا يوصف بحسن الصلاح من افسد قلبه الهوى . التدين الصالح أساسه صحة أجهزة الإنسان قلبه وعقله ونفسه وجوارحه وبراءتها وسلامتها من التشويه والانحراف .والعبادات تبلغ ذروتها إذا أنتجت الخلق العالي والسلوك المستقيم .وان محور العبادات هو تزكية النفس وإخلاص السريرة وتحقيق الحق لله رب العالمين ولا نجاة ولا صلاح ولا نجاح ولا فلاح إلا بصدق عبودية الإله وحسن المعاملة مع خلق الله .
وتساءل فضيلته قائلا//من هو هذا المتدين الذي يقوم بعباداته وهو كالح الوجه بادئ الشر قريب العدوان كيف يكون التدين والصلاح إذا كانت رذائل الأخلاق تنخر في النفوس وتمتلئ بها الصدور ليظهر ضررها ويبدو خطرها .
ولقد علمتم أن المفلس في دين الإسلام من يأتي بصلاة وزكاة وصيام ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا واكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فان فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه اخذ من خطاياهم وطرحت عليه ثم طرح في النار .

وقال إمام وخطيب المسجد الحرام// إن إحياء الدين في النفوس وإحياؤه في السلوك بإحياء أخلاقه وتوجيهاته .ويجب أن تجلي حقائق الإيمان جواهر السلوك كما يجلي العبادات زاكي السلوك . الأخلاق في الإسلام من أصول الحياة الطيبة وقال أهل العلم الدين كله خلق فمن زاد عليك بالخلق زاد عليك في الدين . الدين هو الذي يرسم قواعد الأخلاق ويحدد معالمها ويرصد مقاييسها ويمجد مكارمها . والدين والأخلاق صنوان لا ينفصلان وقد صحت الأخبار عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم انه قال//إن أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا وأفضل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخير ما أؤتي الإنسان خلق حسن والأقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة منه مجلسا أحسنهم خلقا وما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن والبر حسن الخلق وكرم المؤمن دينه ومرؤته وعقله وحسبه وخلقه .
وأشار الى أنه لكي تتجلى منزلة الأخلاق وأثرها في ضبط السلوك ودورها في استقرار المجتمع يجب أن ينظر إلى الأحكام والقوانين فبالرغم من مما علم وعرف من أهميتها وضرورتها أي الأحكام والقوانين لتنظيم شؤون الناس وإحقاق الحق ورفع التظالم ولكنها لا تستقل وحدها بضبط مسالك البشر لأن الأحكام والقوانين مهما كان حزمها وصرامتها ودقة تطبيقها فسلطانها على الظاهر لا على الباطن وهي في العلاقات العامة دون الخاصة وهي تعاقب المسيء لكنها لا تثيب المحسن والتحايل عليها يسير وتطويع نصوصها والإلتفاف عليها مستطاع والهروب من جزائها غير عسير وفي ذلك كله مع أنها مؤيدة بقوة السلطان. وكما للنفوس إذا تجردت من الأخلاق من القدرات على الزور والباطن المزين والفساد المصبوغ بصبغة الصلاح .
هذا هو شأن الأحكام والقوانين والنظم المجردة . فلابد للإنسان من التدين والتزين بالأخلاق .// إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير //. وبدون الدين لا تكون الأخلاق وبدون أخلاق لا يكون قانون ولا نظام ولا أحكام .
وقال// إذا كان الأمر كذلك فان مجامع الأخلاق ومحاسنها الحياء ونفع الناس والصدق والجد في العمل واتقاء الأخطاء واتقاء فضول القول والعلم والبر والوفاء والصبر والشجاعة والإحسان والشكر والحلم والعدل والعفاف والشفقة وعفت اللسان والنفس والتسامح وكرم اليد والنفس والرحمة والتعاطف والإنصاف من النفس والمواساة .
أما التوسط والوسطية فمنشأ جميع الأخلاق حسن الخلق عفو كريم يقضم غيضه ويعفو وهو قادر على الانتقام ويتسامح وهو صاحب حق لا يشغل نفسه بالخصام والعداوة والعمر عنده اعز والحياة لديه اغلا والأخوة أثمن .حسن الخلق يجسد الأخوة في الدين والمشاركة في المثل العليا ,حسن الخلق سعيد بنفسه وأهله يدخل السرور على المحزون ويمسح الدمع عن الباكي وينير السبيل للحيران ويهدي الضال تعلوه بسمة رقيقة ويد حانية وقلب شفوق . صاحب الخلق الحسن مؤمن برحمة ربه وعدله يمسي ويصبح سليم الصدر نقي الفؤاد يدعو بدعاء الصالحين.

وقال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد/يبقى المجتمع راقيا ما بقيت الأخلاق ويذهب فانيا ما ذهبت وما الأمم إلا أخلاقها وما الأقوام إلا بذات فعالها .حسن الخلق يجعل المر حلوا ويحول التراب تبرا والكدر صفوا والسقم نعمة والشدة رحمة والعدو صديقا .حسن الخلق يلين الحديد ويذيب الحجر ويبعث في النفوس الحياة حسن الخلق بإذن الله هو الذي يبسط الرضا والصادق في خلقه هو من خالجت قلبه بشاشة الإيمان.
وقال فضيلته//كل المسلمين يقولون ويؤمنون بأن الإسلام دين الفضائل وشرعة المكارم يحب معالي الأمور ويدعو إليها ويكره سفاسفها وينهى عنها وكلهم يقول ما من خلق كريم إلا وحث عليه الدين وما من خلق ذميم إلا وحذر منه ولكن مع الأسف كم في المسلمين من لا يعرف إحسانا ولا حنانا ولا رحمة ولا عطفا ولا عفوا ولا عدلا ولا صبرا ولا حكمة فيهم من يقطع الأرحام ويسيء الجوار ومن لا يوقر الكبير ولا يرحم الصغير ولا يسعى على الأرملة واليتم والمسكين كم فيهم من يتعامل الكذب ويخلف الوعد ويستمرء الخداع والغش هذه صورة والصورة الأشد أن بعض المسلمين عندهم قصور الفهم فيه ومن القصور والخلل أن ترى بعض المسلمين يحسن الصلاة ويحافظ عليها في الجماعة ولكنه يقصر تقصيرا عظيما في باب التعاملات والتصرفات وكأنه يقصر الدين في هذه الصورة والتدين في هذه العبادة .
وختم فضيلته خطبة بالقول إن من القصور البين أن ينظر للأخلاق وحسن السلوك وكأنه في المرتبة الرابعة أو العاشرة فالآداب والأخلاق ليست عنده من المؤكدات المطلوبات وقد علمتم من هو المفلس وفي الحديث ثلاث من كن فيه فهو منافق وان صلى وصام وحج واعتمر وقال انه مسلم// إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا اؤتمن خان ليس بمؤمن من لا يأمن جاره بوايقه //.والفحش والتوحش ليس من الإسلام .الأخلاق السيئة هي السموم القاتلة والرذائل الكريهة وهي الخبائث المبعدة عن جوار الله وجوار نبيه محمد صلى الله عليه وسلم . الأخلاق السيئة أمراض القلوب وأسقام النفوس .سوء الخلق يرهق القوى ويثير الفوضى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى