
الجزء الأول
لا يزال صوت فيصل يتردد في أعماق الضمير العربي والإسلامي
- الملك فيصل :
- سنبذل كل ما في وسعنا للذود عن فلسطين وتحرير المقدسات
- لست بحاجة أذكركم بأولى القبلتين وثالث الحرمين
- ماذا ننتظر ؟ هل ننتظر الضمير العالمي ؟!
- أرجو الله تعالى أن يميتني شهيداً في سبيله
هيثم – محمد
إن السبيل لمعالجة القضية الفلسطينية ووضعها في الطريق الصحيح يكمن في توحيد الجهد العربي وتوفير الطاقات العربية وبذل المزيد من الإخلاص والعمل لقضية العرب الأولى , إن التلويح بالتهديد لا يجدي نفعاً إذا لم يقرن بالعمل المجدي الرادع إن التصميم الواعي والعمل المنظم هما الكفيلان بإعادة الحق إلى نصابه كان ذلك في تصريح للملك فيصل رحمه الله إلى الصحفيين عام 1964م وحينما افتتح الملك فيصل المؤتمر الإسلامي الأول بمكة المكرمة في 15 ذي الحجة 1384هـ / 17 أبريل 1965م الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي ، عرض القضية الفلسطينية بأنها قضية إنسانية إسلامية. وقال : “إن فلسطين تحتوي على الحرم الثالث ، وتحتوي على تاريخ المسلمين والعرب من قبل آلاف السنين “. وفي حفل عشاء أقيم على شرفه في الخرطوم في ذي القعدة 1385هـ / مارس 1966م خطب الملك فيصل في الحضور قائلاً : “إن القوى الصهيونية تعلم أن تضامن المسلمين فيما بينهم يحول بين الصهيونية العالمية ومطامعها الشريرة في بلاد الشام ، بلاد العرب ، بلاد الأنبياء ، أولى القبلتين “.
وبعد حرب عام 1378هـ / حزيران 1967م قاد الملك فيصل حملة قوية تستهدف تعميق الاقتناع بجدوى القتال المسلح من جانب الفلسطينيين دفاعا عن وجودهم وحقهم المشروع ، وشملت هذه الحملة العالم الإسلامي ، بالإضافة إلى الأوساط الحاكمة في العالم العربي ، لا سيما وأن العدو الإسرائيلي كان قد احتل فلسطين كلها وسيناء ، والجولان وجزءا من جنوب لبنان .
وفي مهرجان شعبي أقيم في الرياض في ربيع الأول 1387هـ / يونيه 1967م خطب الملك فيصل في جماهير الشعب السعودي يدعوهم إلى الجهاد لتطهير فلسطين والأماكن المقدسة من الاحتلال الإسرائيلي. ومما جاء في خطابه : ” إننا اليوم في معركة ، فإلى الجهاد أيها المواطنون ، إلى الجهاد يا أمة الإسلام ، إلى تطهير الأماكن المقدسة من أدران الصهيونية وإسرائيل والاستعمار “.
وبمناسبة انعقاد المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي الذي عقد في مكة المكرمة عقب الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس ، أبرق الملك فيصل إلى الأمين العام للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي الشيخ محمد سرور الصبان : “إننا سنعمل كل ما في وسعنا لإنقاذ فلسطين وتحرير المقدسات الإسلامية ، ومقاومة كل ما يستهدف تهويد القدس أو تدويلها ، والوقوف بقوة وحزم أمام جميع المؤامرات التي ترمي لتصفية القضية الفلسطينية “. وكان الملك فيصل يولي موسم الحج اهتماما كبيراً ؛ إذ يتجمع فيه أعداد كبيرة من المسلمين من مختلف أقطار العالم الإسلامي ، فكان يخطب فيهم في مختلف المناسبات للتوعية بالقضية الفلسطينية بعامة، وقضية القدس بصورة خاصة ويدعو المسلمين إلى التضامن من أجل إنقاذ الأماكن المقدسة من الاحتلال الإسرائيلي .
ففي موسم حج عام 1387هـ / 1968م خطب في وفود الحجاج في مكة المكرمة يذكرهم بفلسطين وبالقدس ، ويدعوهم للعمل على نجدتها وإنقاذها. ومما جاء في خطابه : ” لست بحاجة أن أذكركم أن هناك أولى القبلتين ، وهناك ثالث الحرمين الشريفين. فهو لنا جميعا وليس لأحد دون أحد ، إنه ليس للعرب دونكم أيها الإخوة ، ولكنه للمسلمين جميعا وإنني لأهيب بإخواني المسلمين أن يهبوا لنصرة دينهم والدفاع عن مقدساتهم “، ومما جاء في خطابه : “إن إسرائيل ترتكب المظالم ضد اللاجئين الفلسطينيين يومياً ولا يرتفع صوت من العالم يقول للصهيونية أن توقف أعمالها لصد هذا الهجوم “. كما دعا المسلمين إلى التكاتف والتعاون والدفاع عن حقوقهم بكل ما يملكونه من قوة ” .
و خطب الملك فيصل في موسم حج سنة 1388هـ بقوله: (ماذا ننتظر؟ هل ننتظر الضمير العالمي ؟ وأين هو الضمير العالمي الذي يرى ويلمس هذه المهازل وهذا الإجرام دون أن يهتز لها ، ولو حتى من قبيل الحياء ؟ فماذا ننتظر وإلى متى ننتظر ومقدساتنا وحرماتنا تنتهك بأبشع صورة ؟.. فماذا يخيفنا ؟ هل نخشى الموت ، وهل هناك موتة أفضل وأكرم من أن يكون الإنسان مجاهدا في سبيل الله ؟)
كان الملك فيصل يعتبر نفسه مجاهدا في سبيل الله ، وكان يردد ذلك في كثير من المناسبات ، ومنها خطابه في موسم حج عام 1389هـ / 1969م والذي جاء فيه مخاطباً الحجاج: ” إن القدس يناديكم ويستغيثكم ، لتنقذوه من محنته ، ومما ابتلي به ، نريد الموت مجاهدين في سبيل الله – أيها الإخوة المسلمون – وأرجو الله سبحانه وتعالى إذا كتب لي الموت أن يميتني شهيدا في سبيل الله “.
وفي موسم حج عام 1389 هـ / 1970م أهاب بالمسلمين أن يهبوا لإنقاذ المقدسات الإسلامية في فلسطين ، وناشد المسلمين قائلاً : ” أيها الإخوة المسلمون ، نريدها غضبة وهَبَّة إسلامية في سبيل ديننا وعقيدتنا دفاعا عن مقدساتنا وحرماتنا “. كما دعا المسلمين ” لينقذوا حرم الله من الطغمة الفاجرة التي استباحت ثالث الحرمين وأولى القبلتين “. وفي برقية إلى روحي الخطيب أمين العاصمة المقدسة ” القدس ” أكد الملك فيصل استعداد المملكة العربية السعودية الكامل لإنقاذ القدس ، وقال في برقيته: ” إننا على استعداد لبذل كل ما في وسعنا لإنقاذ القدس ، ولن نتأخر عن بذل كل ما في إمكاننا للذود عنها وتحريرها “.
لم تقف جهود المملكة على دعم التضامن الإسلامي ، بل تعدت ذلك ، حيث قدمت المملكة للعالم الإسلامي تسهيلات من خلال صندوق النقد الدولي بلغت قيمتها مليارات الدولارات ، كانت حصة المملكة منها 45% من قيمة تلك القروض والتسهيلات ، وذلك في سبيل كسب مزيد من الأنصار إلى جانب القضية الفلسطينية والحق العربي ، هذا بالإضافة إلى مليار دولار خصصتها المملكة عام 1395هـ / 1975م لمساعدة التنمية في إفريقيا حيث كان يدرك فيصل أهمية القارة السمراء.
ودعا الملك فيصل في موسم 1392هـ / 1973م المسلمين كافة إلى توحيد صفوفهم ، وحذرهم من الخطر الصهيوني ، واستنكر الاعتداءات الإسرائيلية على سورية ولبنان ، ودعا إلى الجهاد من أجل تخليص الأماكن المقدسة من أيدي الإسرائيليين. وكرر نداءه للمسلمين في الخطاب نفسه إلى ” أن ينبذوا خلافاتهم ، وأن يتناسوا كل المشكلات التي تحدث بينهم ، وأن يلبوا داعي الله ، ولينفروا خفافا ًوثقالاً للجهاد في سبيل الله ، ولينقذوا حرم الله من الطغمة الفاجرة التي استباحت ثالث الحرمين وأولى القبلتين “. كما أنه في إحدى لقاءاته مع بعثات الحج عام 1393هـ / 1973م كرر دعوته لإعلان الجهاد المقدس للدفاع عن المسجد الأقصى وعن فلسطين وعن الشعب الفلسطيني ، وقال : “سبق لي – أيها الإخوة – أن رجوت إخواننا المسلمين أن يعلنوا الجهاد المقدس للدفاع عن مقدساتنا وعن أوطاننا وعن عقيدتنا وكرامتنا ، وإنني أكرر هذه الدعوة أيها الإخوان ، والسبب في ذلك أنه مرت علينا سنون عديدة والمسلمون يقاسون من هذه الاعتداءات. ولسوء الحظ أن نرى في العالم من يساند هؤلاء الأعداء المعتدين في اعتداءاتهم. إنهم يعرفون أن هؤلاء المعتدين ظالمون في عدوانهم ، وقد وصلت الحالة الآن إلى أنهم بدؤوا في محاولة لإضاعة مقدساتنا ، المسجد الأقصى والمساجد التاريخية في البلاد الفلسطينية ، فبدؤوا الآن يقيمون في هذه المساجد معابد يهودية ليضيعوا صفتها الإسلامية ، إنه يجب على كل المسلمين وعلى العرب خاصة أن يوحدوا كلمتهم وصفوفهم في سبيل الدفاع عن وطنهم وأمتهم “.
لم يتوقف جهاد الملك فيصل عند حدود الدعم بالمال والخطابات السياسية وإنما تحول إلى نوع آخر من الضغط الذي كان بمثابة كما شَبَّهَهُ رئيس الولايات المتحدة نيكسون وكأنه مسدس موجه إلى رأس الإدارة الأميركية واستطاع الملك نقل المعركة من فلسطين إلى الولايات المتحدة بقرار حظر تصدير النفط و هو من أهم القرارات السياسية التي اتخذها العرب في المواجهة ضد الصهيونية والاستعمار. ولقد كان الملك فيصل هو الفارس الأول فمنذ توليه الحكم وهو يعلن عن استعداد بلاده لاستعمال النفط سلاحاً في المعركة ، فقد أذاع راديو المملكة العربية السعودية في 25 ذي القعدة 1384هـ / 28 مارس 1965م تصريحا للملك فيصل بن عبد العزيز جاء فيه: ” إننا نعتبر قضية فلسطين قضيتنا وقضية العرب الأولى ، وإن فلسطين بالنسبة لنا أغلى من البترول كسلاح في المعركة إذا دعت الضرورة لذلك ، وإن الشعب الفلسطيني لا بد وأن يعود إلى وطنه حتى ولو كلفنا ذلك أرواحنا جميعا “.
عندما نشبت حرب عام 1378هـ / حزيران 1967م، واحتلت إسرائيل الأرض الفلسطينية كلها، وسيناء والجولان ، وجزءا من لبنان ، كانت هناك دعوات لقطع النفط وأخرى لاستمرار تدفقه مع استخدام جزء من عائداته لدعم الصمود العربي وتقوية الجيوش العربية لتحرير الأراضي العربية المحتلة. وقد حسم الملك فيصل هذا الأمر في مؤتمر قمة الخرطوم الذي عقد في جمادى الأولى 1387هـ / أغسطس 1967م وتقرر فيه دفع مبلغ (135) مليون جنيه إسترليني سنويا، التزمت المملكة العربية السعودية بدفع مبلغ (50) مليون جنيه إسترليني منها، والتزمت الكويت بدفع مبلغ (55) مليون جنيه إسترليني، وليبيا (30) مليون جنيه إسترليني.
وظلت سياسة المملكة العربية السعودية ثابتة منذ حرب عام 1387هـ / حزيران 1967م حتى حرب رمضان 1393هـ / أكتوبر 1973م تجاه مسألة الاستخدام الإيجابي للنفط في تنفيذ التزاماتها بدعم دول الصمود من عائدات النفط . وعندما نشبت حرب رمضان عام 1393هـ / أكتوبر 1973م تطور موقف المملكة العربية السعودية باتجاه استخدام النفط في المعركة بصورة أكثر تأثيراً في الدول المستهلكة للنفط. فقد بدأت المملكة على ضوء سياسة الملك فيصل النفطية بتقليص إنتاج النفط إلى 10% ، وبالإضافة إلى هذه الخطوة صرح وزير النفط السعودي للولايات المتحدة الأمريكية أن المملكة العربية السعودية لن تزيد إنتاجها الحالي من النفط ، ما لم تبدل واشنطن موقفها المؤيد لإسرائيل وأشارت صحيفة واشنطن بوست التي نشرت الخبر إلى أن هذه هي أول مرة تربط فيها السعودية علناً بين تصدير نفطها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبين سياسة واشنطن في الشرق الأوسط.
وفي مقابلة مع محطة التليفزيون الأمريكية N. B. C أجريت مع الملك فيصل في 16 جمادى الثانية 1393هـ / 16 يوليو 1973م ، بثت في 7 رمضان / 4 أكتوبر عبَّر الملك فيصل عن خشية بلاده من أن تؤثر سياسة الولايات المتحدة المساندة لإسرائيل في علاقاتها بالمملكة العربية السعودية. وهدد صراحة باستخدام سلاح النفط قائلا: ” إننا لا نرغب في فرض أية قيود على صادراتنا من النفط إلى الولايات المتحدة ولكن – كما ذكرت – فإن الولايات المتحدة بدعمها الكامل للصهيونية ضد العرب ، تجعل من استمرار تزويدنا حاجات الولايات المتحدة أمراً بالغ الصعوبة “.
و أوضح الملك فيصل لجريدة النهار البيروتية ، أن أمريكا هي التي تقوي إسرائيل وتجعلها ترفض السلام ، وأن أمريكا هي المسئولة عن تصحيح الوضع ، وعندما لا تستجيب لهذا الطلب فإن السعودية ستنظر في موضوع تخفيض إنتاج النفط أو تجميده من زاوية مصالحها الذاتية المجردة. وعندما اندلعت الحرب العربية الإسرائيلية في رمضان 1393هـ / أكتوبر 1973م وضع الملك فيصل الجيش السعودي على أُهبة الاستعداد لمواجهة ظروف المعركة ، وأرسل رسالة عاجلة مع السيد عمر السقاف وزير الدولة للشؤون الخارجية في 14 رمضان 1393هـ / 10 أكتوبر 1973م إلى كل من دمشق والقاهرة ، حيث أعرب السقاف للبلدين الشقيقين عن وقوف المملكة العربية السعودية بكل إمكاناتها إلى جانب الأشقاء العرب.
استمرت السياسة الأمريكية في تجاهل طلبات كل أصدقائها العرب ، فقامت علناً بدعم الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية. ولما أقامت جسرا جويا لتزويد إسرائيل بالسلاح في حرب عام 1393هـ / 1973م عمدت السعودية وسائر البلاد العربية إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزماً ، فأعلنت البلاد العربية تباعا وقف ضخ النفط إلى الولايات المتحدة ، ومن ثم إلى هولندا التي اتخذت موقفا مواليا لإسرائيل. كما فرض حظر تصدير النفط الخام إلى جميع معامل التكرير التي تصدر مشتقات النفط إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، أو بيعها إلى الأسطول البحري الحربي الأمريكي.
وكانت المملكة العربية السعودية قد أعلنت وقف تصدير النفط إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، مبررةً ذلك بازدياد الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل. واستشاطت أمريكا غضبا من هذه الخطوة الجريئة التي لم تكن تتوقعها ، والتي أدت إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط ، كما أدت إلى إرباك الاقتصاد الرأسمالي الغربي عموماً ، ذلك الاقتصاد الذي يعتمد على النفط بصورة أساسية في تحريك عجلته على كافة المستويات ، وفي مختلف القطاعات الصناعية والاقتصادية.
تحركت أمريكا ، وأرسلت وزير خارجيتها هنري كيسنجر Henry Kissinger لمقابلة الملك في 13 شوال 1392هـ / 8 نوفمبر 1973م ليتباحث مع الملك في ثلاث نقاط أساسية : النفط ، والقدس ، وشؤون فلسطين والفلسطينيين. وأكدت مصادر صحفية أن الملك فيصل أصر على عروبة القدس.
وقد أدت تلك الخطوة إلى إطلاق الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها الأوروبيين تهديدات باستخدام القوة لاحتلال منابع النفط العربية إذا استمر الحظر ، وحمَّلت الولايات المتحدة المملكة العربية السعودية مسؤولية ذلك الوضع المتردي في الاقتصاد الغربي. وقد جاء هذا التهديد ضمن رسالة بعث بها الرئيس الأمريكي نيكسون إلى الملك فيصل بن عبد العزيز. كما أرسل وزير الخارجية الأمريكية إلى نظيره السعودي عمر السقاف رسالة يحتج فيها بشدة على وقف تصدير النفط ، وما ترتب عليه من آثار سلبية على اقتصاد العالم والنظام النقدي الدولي ولقد توالت الضغوط الأمريكية والغربية عموما على الملك فيصل للتراجع عن موقفه هذا ، وأشار إلى تلك الضغوط إسماعيل فهمي وزير الخارجية المصرية الذي قال: ” إن الملك فيصل رفض الاستجابة للمطالب الأمريكية “.
وارتفعت لهجة التحدي والتهديد بين الولايات المتحدة الأمريكية والملك فيصل إلى الدرجة التي دعت الملك فيصل للرد على هنري كيسنجر بعنف قائلا: ” لن نرفع الحظر على شحن النفط إلى الولايات المتحدة ، ولن نعيد إنتاجنا إلى ما كان عليه سابقاً ، ما لم تنته مفاوضات السلام نهاية ناجحة يتحقق على إثرها الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة ، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني “.
وقال الملك فيصل رحمه الله : (لقد نشأنا تحت الخيام ونحن مستعدون للعودة إلى ظلالها ، ولأن نخسر البترول خيرٌ لنا من أن نخسرَ الشَّرف) وقد شدد الملك فيصل على ضرورة إعادة القدس العربية إلى العرب ورفض فكرة تدويل القدس والأماكن المقدسة ”
وقد صرح الرئيس المصري محمد أنور السادات لجريدة الأهرام بتاريخ 28 فبراير سنة 1974م قائلاً : ( إن جلالة الملك فيصل هو بطل معركة العبور) وسيحتل جلالته الصفحات الأولى من تاريخ جهاد العرب وتحولهم من الجمود إلى الحركة ومن الانتظار إلى الهجوم وهو صاحب الفضل الأول في معركة الزيت ، وهو الذي تقدم الصفوف وأصَرَّ على استعمال هذا السلاح الخطير وفتح خزائن بلاده لمصر لتأخذ ما تشاء للصرف على معركة العبور ، بل لقد أصدر أمره أن من حق مصر أن تأخذ ما تشاء وبلا حدود كل ما تحتاجه من أموال للمعركة) . وإنه لمن حق الصحافة العربية والأجنبية أن تشيد بمساندة الملك فيصل وأنه لم يكتف بتقديم العون المادي وحده وإنما قام جلالته في صمت وهدوء بجهد هائل من أجل إعادة الحق العربي والصورة العربية إلى وضعها الصحيح بعد أن كانت قد اهتزت نتيجة للأخطاء التي وقعت فيها السياسة العربية والإعلام العربي قبل وأثناء حرب عام 1967).
غداً إن شاء الله وفي الحلقة التالية نفتح أرشيف الوثائق الأميركية التي رفعت عنها السرية و التي ترسم بدون مجاملة صورة بالحجم الطبيعي للملك فيصل الفارس و المجاهد على أكثر من جبهة دون أن تراوده مطامع شخصية أو مآرب ذاتية وإنما يحدوه في كل ذلك رضا الله ثم نصرة أشقائه العرب والمسلمين وعودة الحقوق العربية والإسلامية المغتصبة فتحمل في سبيل ذلك الكثير والكثير وترك للتاريخ الحكم النهائي وهذه الحلقات هي من قبيل الإنصاف لشخصية قلَّما يجود بها الزمان اتسم بالتجرد والتواضع والغيرة لدين الله و إنصاف أشقائه العرب ولحقوقهم في الحرية والكرامة والسيادة والإستقلال .






