(مكة) – الرباط
في قصص الكرم العربي هناك مايشبه الأساطير الخرافية مما يعزز بعض مقولة طه حسين ـ رحمه الله ـ في العصرالجاهلي فالمبالغات في تاريخ العرب كثيرة ولكن حاتم الطائي وكرمه حالة استثنائية من هذه القصص لتواتر جوده اللامتناهي مما دعى زوجته للإنكار عليه فكان جوابه بدهياً حاضراً معبراً عن سماحته وكرم أخلاقه
أَمَاوِيّ ! إنَّ المالَ غَـادٍ ورائِـحٌ
وَيَبْقَى مِنَ المالِ الأَحَادِيثُ وَالذِّكْرُ
أَمَاوِيّ ! إنِّي لا أَقُـولُ لِسَائِـلٍ
إذِا جَاءَ يوماً حَلَّ في مالِنَـا نَـزْرُ
وقد صدقت نبوءته وطال ذكره وجعل الله له في الآخرين أطيب الصيت وأجمل الذكر ترى هل يعقل تجارالعرب المعاصرين الذين تفوق خزائنهم خزائن قارون بفداحة البخل وسوء التدبير ترى هل يشعرون بجوع الفقراء وحاجة المساكين وظروف المهاجرين والمهجَّرين المشردين من ضحايا الربيع العربي وغيره
وهل يعي الأثرياء اليوم الذين ينفقون سراً وجهراً على قنوات إباحية وفضائيات رقص ومجون بما لا عد له إن التاريخ سيخلد ذكرهم في قوائم الخزي السوداء وإلى مزابل التاريخ فشتان بين حاتم العربي وقارون العرب المعاصر كلاهما مذكور ومشهور ولكن أثرياء اليوم لاماوي لهم .
أَمَاوِيّ ! قد طالَ التَّجنّبُ والهَجْـرُ
وَقَدْ عَذَرَتْني مِنْ طِلابِكُمُ العُـذْرُ
أَمَاوِيّ ! إنَّ المالَ غَـادٍ ورائِـحٌ
وَيَبْقَى مِنَ المالِ الأَحَادِيثُ وَالذِّكْرُ
أَمَاوِيّ ! إنِّي لا أَقُـولُ لِسَائِـلٍ
إذِا جَاءَ يوماً حَلَّ في مالِنَـا نَـزْرُ
أَمَـاوِيّ ! إمَّـا مَانِـعٌ فَمُبَيَّـنٌ
وإمَّـا عَطَاءٌ لا يُنَهْنِهُـهُ الزَّجْـرُ
أَمَاوِيّ ! ما يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الفَتَـى
إذا حَشْرَجَتْ نَفْسٌ وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ
إذا أنَـا دلاَّنِـي الذيـنَ أُحِبُّهُـمْ
لِمَلْحُـودَةٍ ، زُلْـجٌ جَوَانِبُهَا غُبْـرُ
وَرَاحُوا عِجَالاً يَنْفُضُونَ أَكُفَّهُـمْ
يَقُولُونَ دَمَّـى أَنَامِلَنَـا الحَفْـرُ
أَمَاوِيّ ! إنْ يُصْبِحْ صَدَايَ بِقَفْـرَةٍ
مِنَ الأَرْضِ لا مَاءٌ لَـدَيَّ وَلا خَمْرُ
تَرَيْ أنَّ مَا أَهْلَكْتُ لَمْ يَكُ ضَائِرِي
وأنَّ يَدِي مِمَّا بَخِلْتُ بِـهِ صِفْـرُ
أَمَاوِيّ ! إنِّي رُبَّ وَاحِدِ أُمِّهِ
أَجَرْتُ فَلاَ قَتْلٌ عَلَيْـهِ وَلاَ أَسْـرُ
وَقدْ عَلِـمَ الأَقْـوَامُ لَوْ أَنَّ حَاتِمَـاً
أَرَادَ ثَـرَاءَ المالِ كَـانَ لَـهُ وَفْـرُ
وَإنّـيَ لا آلُـو بِمَـالٍ صَنِيعَـةً
فَأَوَّلُـهُ زَادٌ وَآخِـرُهُ ذُخْـرُ
يُفَـكُّ بِـهِ العَانِي وَيُؤْكَلُ طَيِّبَـاً
وَمَا إِنْ تُعَرّيـهِ القِدَاحُ وَلا الخَمْرُ
وَلا أَظْلِمُ ابْنَ العَمِّ إنْ كَانَ أُخْوَتِي
شُهُودَاً وَقَدْ أَوْدَى بِإخْوَتِهِ الدَّهْرُ
عُنِينَا زَمَانَـاً بِالتَّصَعْلُـكِ وَالغِنَـى
كَمَا الدَّهْرُ فِي أَيَّامِهِ العُسْرُ وَاليُسْرُ
كَسَيْنَا صُرُوفَ الدَّهْرِ لِينَاً وَغِلْظَـةً
وَكُلاًّ سَقَانَاهُ بِكَأْسَيْهِمَا الدَّهْـرُ
فَمَا زَادَنَا بَـأْوَاً عَلَى ذِي قَرَابَـةٍ
غِنَانَا وَلا أَزْرَى بِأَحْسَابِنَا الفَقْـرُ
فَقِدْمَاً عَصَيْتُ العَاذِلاتِ ، وَسُلِّطَتْ ،
عَلَى مُصْطَفَى مَالِي ، أَنَامِلِيَ العَشْرُ
وَمَا ضَرَّ جَارَاً ، يَا ابْنَةَ القَوْمِ ، فَاعْلَمِي
يُجَاوِرُنِي ، ألاَّ يَكُونَ لَـهُ سِتْـرُ
بِعَيْنَيَّ عَنْ جَارَاتِ قَوْمِـيَ غَفْلَـةٌ
وَفِي السَّمْعِ مِنِّي عَنْ حَدِيثِهِمِ وَقْـرُ