
قبل الإجابة على هذا التساؤل يتحتم علينا معرفة اهمية القدوة ودورها في حياتنا ،
فالله سبحانه وتعالى خلق في الإنسان غريزة التقليد كأداة تساعده على التقاط المعلومات واكتساب المهارات، وهو في هذه المسيرة يحتاج إلى قدوات تضيق وتتسع، تبدأ من الأسرة ثم تتسع لتشمل العالم.
والقدوة يمكن أن تسهم في بناء الفرد أو تدميره، ولها اهميتها خاصة في المجتمعات التي لا تزال في طور النمو والتطور،
فالقدوة هي التأثر بشخصيةٍ معينةٍ ومتابعتها وتقليدها والتأسي بها، وقد تكون هذه القدوة حسنةً أو سيئةً، ويحتاج الجميع في حياتهم إلى وجود شخصية إيجابية وناجحة لمحاولةف الاستفادة من تجربتها في الحياة، بهدف تطوير النفس والقدرات وتحديد الرغبات والاتجاهات منذ بداية الطريق. والقدوة يمكن ان تكون في الاب او الام وفي المعلم او في الطالب او الاداري او القيادي .
والقدوة الصالحة عنصر رئيس ذو أهمية بالغة في البناء والتربية .. كما أنها ليست وحدها الكفيلة في بناء الأشخاص وتربيتهم فهناك جوانب أخري يجب مراعاتها في العملية التربوية إلا أن هذه الجوانب الأخرى لا تؤتى ثمارها أيضا بغير القدوة الصالحة ، بل قد تأتي بثمار عكسية إذا وجدت القدوة السيئة، إن القدوة الصالحة من أعظم المعينات على بناء العادات والأخلاق والسلوكيات الطيبة لدى المتربى حتى إنها لتيسر معظم الجهد في كثير من الحالات ، والإسلام لا يعتبر التحول الحقيقي قد تم سواء من قبل المربِي أو المتربى حتى يتحول إلي عمل ملموس في واقع الحياة .
ولأثر القدوة في عملية التربية، وخاصة في مجال الاتجاهات والقيم، كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوة المسلمين طبقًا لما نص عليه القرآن الكريم، وقد استطاع بفضل تلك القدوة أن يحمل معاصريه قيم الإسلام وتعاليمه وأحكامه، لا بالأقوال فقط، وإنما بالسلوك الواقعي الحي، وقد حرصوا على تتبع صفاته وحركاته، ورصدها والعمل بها، وما ذلك إلا حرصًا منهم على تمثل أفعاله صلى الله عليه وسلم، لقد كان المثل الأعلى لهم.
ويشهد لأهمية ذلك أنَّ الله جلَّ وعلا جعل نبيه صلى الله عليه وسلم أسوة لمن بعده: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ..}، كما أمره أن يقتدي بمن سبق من الأنبياء: { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}. (الأنعام /90). ورأس الأمر في القدوة والأسوة الحسنة أن ندعو الناس بأفعالنا مع أقوالنا. اذا كانت الأديان السماوية قد أعطت أهمية كبيرة وواضحة للقدوة وبالأخص القدوة الحسنة لما تمثله هذه القدوة على مستوى تقريب الأفراد من الغاية أو الهدف (القرب من الله تعالى)، فان للقدوة أهمية واضحة على مستوى الحركة الاجتماعية والتربوية. لان الوصول إلى مرحلة من مراحل التكامل البشري حيث ينتفي الشر ويسود العدل والوئام وبالتالي بناء مجتمع سليم يقوم على أساس المبادئ والقيم والأفكار التي من شأنها. ويقول بعض المفكرين : إن مثلاً واحداً أنفع للناس من عشرات المجلدات ، لأن الأحياء لا يصدقون إلا المثل الحي.
إن تمييز المفاهيم ومساعدة النشء الجديد على فهمها بشكل صحيح أمرٌ على قدر كبير من الأهمية، ولأجل هذا نحن بحاجة لعملية توعية مجتمعية تستهدف الآباء والأمهات من الشباب بالدرجة الأولى، وبحاجة لنشر الثقافة والمعرفة للنشء الجديد، فنعرفهم بالرموز التاريخية والحاضرة في مختلف المجالات، نطلعهم بوضوح على جوانب التميز وجوانب القصور، ونساعدهم في فهم الشخصيات والحُكم عليها، ونترك لهم مساحة كافية للحُكم بحرية، فليس المطلوب أن نختار لهم من يقتدون بهم، وإنما تعليمهم كيف يختارون قدوتهم؟ وكيف يميزون بين القدوة الحسنة والسيئة؟ وكيف يعزلون القيمَ الجيدة عن ميول الأشخاص واتجاهاتهم، بل وشخوصهم وعلاقتهم بهم، ومن ثم لابد ان يتعلم كل شخص كيف يكون قدوة لغيره.
فكيف نكون قدوة ؟؟؟
للحديث بقية …
المشرفة التربوية
رباب أبو عوف