المقالات

حواء تُزلزل عرش النظام الإيراني؟!

كلمة مكة

تتسارع الأحداث وتتوسع دائرة المظاهرات التي تنتقل من مدينة إيرانية لأخرى بوتيرة أحدثت صدمة لرموز النظام، ويومًا بعد يوم تتحوَّل الانتفاضة إلى ثورة شعبية بعد أن راهن النظام على تغييب إرادة التغيير لدى الشعب، وأنه نجح في إجهاضها، وإجباره على الاستسلام للأمر الواقع بكل بؤسه، والتعايش مع الفقر غير المبرر والمتفشية مظاهره في كل الأنحاء!
المشهد الإيراني بات مفتوحًا على جميع الاحتمالات، ويتوقع له ثلاثة سيناريوهات؟
الأول: أن يُقدم النظام تحت الضغوط الشديدة على إجراء إصلاحات شكلية لاحتواء هذا الغضب المتفجر، وخداع الشعب، وهذا الاحتمال ضعيف لأن تركيبة النظام ذاتها غير قابلة للتغيير وبمجرد المحاولة سيجد نفسه أمام ميراث كبير من الخطايا التي ارتكبت خلال عشرات السنوات بحق الشعب الإيراني .
الثاني: هو نجاح المتظاهرين في فرض إرادتهم وإحداث التغيير رغم انغلاق المجال العام وكبت الحريات، وانعدام أي أمل في تغيير سلمي، وهذا الاحتمال يتقوى إذا انحاز المكون العسكري إلى الشعب ضد النظام في هذه المرة مما سيعجل بالإطاحة برموز النظام، ويفرض فترة انتقالية تساعد على طي صفحة الماضي، وبناء نظام جديد يعبر عن إرادة الشعب وحقه في حياة كريمة ينعم فيها المواطن بخيرات بلاده .
والسيناريو الأخير: تمكّن النظام من الإفلات من استحقاق التغيير، واستعادة قبضته الحديدية، وإبادة معارضيه رغم التكلفة الإنسانية المرتفعة والتي لا تُقدر بثمن، وهذا هو خيار النظام مع الأسف حتى اليوم، بعد أن روج لأكاذيب تتهم المتظاهرين بأنهم مجرد عملاء مأجورون؛ في خطوة للهروب للأمام، وتصدير أزمته للخارج، ولنزع الوطنية عنهم تمهيدًا لتجريدهم من إنسانيتهم، وتبرير الأعمال الوحشية، والمجازر التي ترتكب بحقهم على مرأى ومسمع العالم.
التحدي الذي يجابه النظام الإيراني في جوهره هو فجوة الأجيال غير المؤدلجة، والتي ترى أنه من حقها استرداد حريتها وأسلوب حياتها وفق ما تراه وتتوافق في عقد اجتماعي مثل باقي شعوب العالم الحرة، وهذه الأجيال تشعر بأنها غير مدينة لأيديولوجيا تقوم على الحقد التاريخي، والعداوة، والتدخل في شؤون الدول المستقلة وترى نفسها تتحمل بالتبعية أوزار دماء بريئة كآلاف المدنيين الذين قتلتهم ميلشيات إيران في سوريا دفاعًا عن “العتبات المقدسة”؟!
لم يعد السؤال المطروح اليوم: هل ستندلع ثورة شعبية في إيران بل متى تنتصر إرادة الشعب الإيراني التي شرارتها ووقودها المرأة الإيرانية التي استطاعت أن تهز أركان النظام، وهذا هو التحدي الآخر والذي لم يكن يتوقعه ملالي إيران ولم يعملوا له حسابًا .
لا تزال الطُغمة الحاكمة تعيش حالة إنكار رغم أن كرة اللهب تكبر وسقف المطالب يرتفع يومًا بعد يوم وإرادة الشعوب لا محالة هي التي ستنتصر في النهاية مهما كانت الأثمان؛ فقد كسر حاجز الخوف وغدًا لناظره لقريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى