المقالات

عن السليمانية

* قبل أكثر من عامين علمت من الزميل المذيع عدنان صعيدي عن نيته لتأليف كتاب عن حارته “السليمانية” في مكة، وأمس في صالون ” الثلوثية” ١٠-٦-١٤٤٤هـ ٣-١-٢٠٢م وزع الكتاب وسجل لي المؤلف إهداء عليه ولأني ابن مكة والسليمانية قريبة جدًا من حارتي “الجميزة” التي تبدأ تحديدًا من نهاية جسر الحجون للمتجه شمالًا، وجدت وقتًا اليوم لتصفح الكتاب لمعرفتي بالحي منذ منتصف الثمانينيات الهجرية وأنا في الصف الخامس الابتدائي، سواء عن طريق بعض سكانه من أصدقاء والدي -رحمهم الله- ويحضرني الآن العم جميل سندي وعبدالله سندي ومحمد شرف وسعيد سروله وأحمد منجف، والعمدة عبد القادر جانشاه، وهو قريب لأحد أقرب أصدقاء والدي العم يحي أمير خان جانشاه الذي كان من أشهر أصحاب محلات بيع أصناف المواد الغذائية في مكة وكان متجره في برحة الرشيدي ويسكن بالقرب من بيتنا -رحمهم الله-، وصديق سالم وعبد اللطيف سالم جانشاه أو الاسم الأشهر من سكانها العم الشيخ عمر عيوني، وهو حافظ للقرآن وفقيه في العمل الشرعي ومعروف في المجتمع المكي ومن أعز أصدقاء والدي -رحمهم الله-، الذي لم أجد اسمه في الكتاب، أو زملاء في العمل التربوي من سكانه، يحي قبوري -رحمه الله- وبكر قبوري وناصر السليماني وخليل شرف -رحمه الله-، ووجدت أن من الواجب أن أكتب عن الكتاب لشغفي بُكتب السير وتوثيق الأماكن، مهنئًا المؤلف على ما قدمه من جهد لتوثيق معلومات عن ” حارته”. لكن…

* كما هو معروف أن السليمانية من أصغر أحياء أو حارات مكة مساحة؛ فهي تقع على خط طولي يبدأ من نهاية مقابر المعلا من جهة الحرم، وتنتهي مع الطريق النازل من كوبري الحجون لكنني وجدت أن المؤلف تحدث عن أماكن ومواقع مجاورة للحي بأسلوب؛ وكأنها تابعة له ولم يوضح أن سوق المعلا أو النقا وبداية الفلق مجاورة للسليمانية، وليست تابعة لها.

*  خرج المؤلف عن هوية الكتاب التي هي للحديث عن “حي” محدد، وتحدث عن معلومات تخص سيرته هو مثل المدارس التي درس فيها، ومنها العزيزية الثانوية وعقاب الطلاب والقارئ يسأل هل الحديث عن الحي أو عن سيرة المؤلف؟! وكان ممكن أن يُشير أنني وجدتها فرصة للحديث عن مشواري ضمن حديثي عن حارتي. وهو ما لم يحدث…

* أسأل لماذا تم اختيار الزميل والصديق عمر جستنية لعمل المقدمة، وهو ليس من سكان السليمانية وذكر في مقدمته أن السليمانية أعلى المدعى وشعب عامر، ولا علاقة للمدعى وشعب عامر بالسليمانية ثم تحدث عن أمور أخرى بعيدة عن الحي، ولم يوضح لنا علاقتها بالسليمانية وتمنيت أن يكون المقدم أحد أبناء الحي الأكبر سنًا من عمر، ويستطيع أن يتحدث عن الحي بطريقة واضحة وشاملة، وأعرف أسماء موجودة من أهل الحي لديهم القدرة على ذلك، ولعل عمر لم يطلع على كامل المادة أو فوجئ بطلب التقديم.

* وقع المؤلف في ذكر تفاصيل لاعلاقة لها بالحي مثل الحج ورمضان والعيد والملابس مما أخرج القارئ عن الحي ويسأل ما علاقة الحديث عن العزاء وعقدة الكفن والحنانة وغيرها كثير بالحديث عن الحي الذي هو أساس الكتاب !! حتى إنه لم يشر لكل ما ذكره وعلاقته بالسليمانية بمعنى لو كان لأهل السليمانية عادات خاصة في الحج أو العيد أو رمضان لا توجد في بقية الأحياء فهذا يشفع له لكنه تحدث عن عادات مكية معروفة في الأحياء بصفة عامة.

* لعل المؤلف تجاوز الكتابة عن الحي لمحدودية مساحته إلى الحديث عن مواقع ملاصقة مثل: النقا والحلقة وسوق المعلا بتفاصيل لا علاقة لها بالحي، وأشير هنا إلى أن قيام بعض عُمد الأحياء بالتوقيع لسكان في غير محلاتهم الرسمية لظروف غياب العمدة أو انتهاء فترة عمله أو مرضه أو وفاته ويُكلف بالتوقيع لسكان حارة أو حارات مجاورة اعتبره بعض السكان مثلًا أن توقيع عمدة السليمانية لسكان النقا أو الشعب مثلًا إشارة إلى أنها تابعة للحي، ويحضرني الآن المدعى والجودرية تقع في خط طولي وتُعد من أشهر المواقع في مكة لملاصقتها للحرم والسوق الشهير فيها وسكانها من أرقى أسر مكة، ولم أسمع من أحد سكانها من أصدقائنا أنه يعد محدودية مساحتها من الأمور التي تُقلل من مكانتها.

* فات المؤلف أن يتوقف للحديث عن ملاصقة مقابر المعلا للحي بل وإطلالته عليها مباشرة وهو جوار متفرد، يمكن ذكر بعض المواقف عنه، بل إنني أذكر قبل أكثر من أربعة عقود أن طريقًا بقى لفترة من نهاية المعلا يستعمله الناس للوصول للحي ومنه للحجون اختصارًا للمسافة.
* نشرت بعض الصور لأشخاص لم يرد ذكرهم في الكتاب ولم يوضح مع الاسم علاقتهم بالحي مثل: صورة الشيخ عبد الرحمن فقيه أو الشيخ أحمد السباعي وصورة لغلاف كتابه أيامي، وهو ليس من أبناء السليمانية أو التربوي الشهير محمد الشبل -رحمه الله-، ولم أجد صورًا لقدامى ومشاهير أبناء الحي، فالقارئ لا يعلم أن د.حُسني مؤذن من أبناء الحي ووجد صورة له في الكتاب دون الإشارة لعلاقته به.

* زرت مع والدي -رحمه الله- باخرة السليمانية ١٣٨١هـ وكنت أتمنى لو أعطى المؤلف تفاصيل أكثر عن أصحاب الفكرة والتنفيذ، وورد أن الباخرة أقيمت بعد عودة الملك سعود -رحمه الله- من رحلته العلاجية، وفاته أن يشير أن الملك سعود وهو في طريقه للحرم من قصر السقاف الموجود في المعابدة امتداد حارتنا الجميزة توقف لرؤية الباخرة، وواصل طريقه وهو حدث هام “الإشارة له مُلزمة” وقد كتب لي الأخ حسن قبوري بعد أن نشرت عن الباخرة في البلاد ٢١-١٠-١٤٣٦هـ ٦-٨-٢٠١٥م أن من قام بعمل الباخرة خال والده الشيخ درويش سليماني -رحمه الله- وهو ما نشر في الكتاب وأذكر أنني قبل أشهر بعثت المعلومة للمؤلف برسالة واتس اب حسب طلبه.

* نُشرت الصور في الكتاب بطريقة عشوائية وبمقاسات غير ثابتة وفراغات، وتمنيت أن يكون هناك شرح للشخصية لتذكير القارئ وأن ورد اسمه وعمله ضمن صفحات الكتاب.

* سبق للأخ عدنان صعيدي أن أخرج عناوين سبقت كتابه عن السليمانية كانت متزنة في أكثر ما ورد فيها وطباعتها وإخراجها جيد؛ فلماذا لم يجد كتاب حارته ما سبقه من كُتب.

* أكتفي بهذا القدر ويعلم الله أن هدفي هو أن مثل هذه الكتب عن الأحياء والأماكن سيكون لها بعد سنوات من يستدل بها واليوم ربما يتمنى سكان السليمانية لو حقق الكتاب الأول عن حارتهم ما يتمنونه، أو ربما لا يتفقون معي الكل أو البعض فيما ذكرته، إلا أن الجُهد واضح وربما سبق حب الحي لدى المؤلف وسرعة نشره وقوعه في بعض الملاحظات التي يُمكن له أن يتداركها في طبعة ثانية حتى وإن صحح بعض ما ورد فهذا أسلم وأفضل، وله الحق في اعتبار ما اختاره هو عين الصواب، وللمؤلف والمقدم وأهل السليمانية الأحباء الأحياء منهم ومن رحلوا عن دنيانا كل محبة وتقدير..

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. *الأستاذ خالد الحسني* حكيم القلم والتربوي إبن مكة المكرمة، أجاد النقد و اكتفى بالقليل مما في دهاليزه من عبق التأريخ، ليته أكمل النقد و أسرد، ليعلم الجميع أن ليس كل محبرة تجود بالخبر اليقين

  2. ملاحظات جيدة خاصة وأن هذه الكتب سوف تعتبر مراجع للأجيال اللاحقة. أحياء مكة القديمة تحتاج توثيقا دقيقا بعدما صارت ماضيا بسبب دخولها ضمن نطاق توسعة الحرم.

  3. *الأستاذ خالد الحسني* حكيم القلم و التربوي إبن مكة المكرمة، أجاد النقد و اكتفى بالقليل مما في دهاليزه من عبق التأريخ، ليته أكمل النقد و أسرد، ليعلم الجميع أن ليس كل محبرة تجود بالخبر اليقين

  4. نعم فان الناقد الاستاذ الحسينى كان له وجهات نظر كثيرة وقابلة للمناقشة وقد اقنعنى فى البداية (وخصوصاً انّ نقده بنّاء يهدف الى التصحيح لا الى التقليل او التضعيف )وذلك قبل ان ارى الكتاب وأقرأ عنوانه، وكان الاستاذ الحسينى انتقدالاستاذ عدنان صعيدى بانّه اورد سيرته الذاتية وهذه ليست لها علاقة بالسليمانية كحارة وتاريخ وقد تشار ايضاً الى عادات وتقاليد لا تخصّ السليمانية فقط وإنّما هى عادات وتقاليد مكية وقد كان الحسينى يؤكد بان المؤلف كان من المفروض ان يتحدث عن السليمانية فقط لانّ هذا تاريخ قد يوثّق عبر كتابه ولا يعرفه إلاّ من سكن السليمانية وعاش فيها قبل ، كما انّ الحسينى انتقد الصعيدى لانّه لم يشير الى الكثير من الشخصيّات السليمانية الذين كان لهم مكانة وتأثير وتاريخ فى هذه الحارة … وقد اقنعنى ذلك كما ذكرت سابقًا قبل ان ارى صورة الغلاف الخارجى من الكتاب ولكن وبعد ان رأيت الكتاب وقد كان الاستاذ الصعيدى قد أشار فى الغلاف الخارجى للكتاب بان هذا الكتاب هو عن سليمانية مكّة وحكايات اخرى وفى الاسفل كتب سيرة ذاتية وكانّه يعنى سيرته الذاتية واعتقد انّ هذا يبرّر للصعيدى عدنان كلّ ما ذكره عن نفسه وعن عادات وتقاليد لانّه اشار الى ذلك فى عنوان الكتاب ، وانا ارى انّ كلّ من الاستاذين لهما وجهة نظر مقبولة واتمنّى على الصعيدى عدنان المذيع المتألق ان يقرأ نقد الاستاذ الحسينى ويحسن النيّة ويستفيد من هذا النقد المقبول ويعدّل فى الطبعة الثانية إن اقتنع بوجهة نظر الحسينى … وسامحونى

  5. اولا كل الشكر والتقدير للناقد الاستاذ خالد ولكن ما أسأني في الموضوع هو كتابة كلمة الناقص للمرحوم عمر خديدوس في حين لم يذكر ألقاب لبقية الأشخاص الذين ذكرهم وهذا الأمر مسيء جدا وكوني ابنة المرحوم عمر خديدوس فلا يمكن لأي إنسان أن يقبل على ذلك على والده والكمال لله عزوجل ، ولقد حاولت التواصل مع الناقد ولم أتمكن من ذلك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى