عام

بالكفاية تدوم

في خطوة استباقية ومع بداية شهر رمضان المُبارك لهذا العام أطلقت الهيئة العامة للأمن الغذائي حملة بعنوان “بالكفاية تدوم”؛ وذلك من أجل زيادة الوعي المجتمعي والحد من الفقد والهدر في الغذاء، وللحد من بعض مظاهر التبذير والإسراف خاصة خلال شهر رمضان المبارك؛ وذلك من أجل رفع الوعي بأهمية الأمن الغذائي وتعزيز الممارسات السليمة للاستهلاك، والتحفيز على تبني الحلول التي تسهم في الحد من الهدر الغذائي، والذي بلغ نحو (٣٣٪؜ ) بقيمة تُقدر بنحو أربعين مليار ريال سنويًا بحسب ما أعلنته الهيئة من إحصاءات.

وظاهرة الإسراف ليست جديدة أو وليدة اليوم، ولكنها قديمة منذ الأزل، إلا أنها ظهرت بوضوح في زمننا الحالي بسبب التغيُّرات المالية التي طرأت على حياة الناس في مجتمعاتنا العربية على وجه العموم، وفي مجتمعنا السعودي على وجه الخصوص حيث بات البعض يتخذه وسيلة للتفاخر ويرى فيه دليلًا على الغنى والتحضر الزائف، لا سيما في شهر رمضان المبارك؛ حيث تتزايد فيه معدلات شراء واستهلاك الطعام إلى حد الإسراف والتبذير، على الرغم من كونه شهرًا للصيام، وليس لزيادة الطعام !
فما أن يقـترب شهر رمضان الكريم حتى يُسارع كافة أفراد المجتمع رجالًا ونساءً للتسوق والشراء من مختلف أنواع المأكولات والمشروبات بشكلٍ مفرط دون الحاجة إلى كل تلك الكميات التي تُشترى؛ خاصة أن هذه الظاهرة باتت لا تقـتصر على الأغنياء فحسب بل تعدت ذلك لتشمل حتّى العامة من الناس ممّا سبب لهم مشاكل مادية دفعتهم للاقـتراض والدّين. خاصة وأن معظم تلك الأطعمة تُلقى في سلال المهملات، إضافة إلى تكبد الأسر لمصاريف تتجاوز ضعف ما تنفقه في الأشهر العادية.

وإذا ما بحثنا في أسباب هذه الظاهرة؛ فإننا سنجد حتمًا أن هناك أسبابًا عديدة يتصدر المشهد فيها تلك الدعايات والإعلانات التجارية التي تنهمر علينا قبل أن يهل هلال شهر رمضان المبارك من أجل جذب الناس إلى شراء (مقاضي رمضان)؛ حيث تتنافس الأسواق والمحلات التجارية في عمل الدعايات الترويجية التي تغري الناس بشراء المزيد دون الحاجة إلى ذلك، كما أن ظاهرة التصوير خاصة عند النساء تعد أحد الأسباب الجوهرية التي أدت إلى تفشي الإسراف؛ حيث باتت الأسر تتباهي بموائدها الرمضانية وغير الرمضانية ونشر صور تلك الموائد في وسائل التواصل الاجتماعي بكافة أنواعها.

وختام القول.. فإن من ينظر إلى كميات المشتريات من الأطعمة والمشروبات التي يخزنها الناس قبيل رمضان؛ فإنه يخيَّل إليه بأننا مقبلون على حرب أو ستحل بنا مجاعة لذلك فقد بات الإسراف والتبذير في رمضان وفي غيره آفة كبيرة؛ يجب التخلص منها. فما أجمل أن يتعلم الصائمون الاقتصاد والاعتدال؛ فالغاية من الطعام والشراب تقوية الجسم من أجل عبادة الله -عز وجل- والفوز برضاه في الدنيا والآخرة، وليس ملء البطون ونسيان الفقراء والمساكين؛ فغاية الصيام تطهير النفس وكبح جماحها.


 وخزة قلم:
(العين هي التي تأكل) مقولة جعلت من شهر الصوم عادة لا عبادة !

عبدالرحمن العامري

تربوي - كاتب صحفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى