المقالات

حقل الدرة وصمود اتفاق بكين

قال صاحبي: قفز حقل الدرة مؤخرًا إلى الواجهة السياسية والإعلامية، متزامنًا مع تكرار المزاعم الإيرانية بحقها في هذا الحقل الغني بالثروات، لماذا هذا التحرك الإيراني بعد توقف عدة سنوات، وتقارب خليجي إيراني، من الذي حرك الوتد في هذا الوقت، ما انعكاساته على الاتفاق السعودي الإيراني، وما مآلاته المستقبلية، وهل سيتم إقفاله باتفاق جديد موثق، على ماذا تستند ادعاءات طهران، وما دلالات البيان السعودي والكويتي تجاه الحقل؟
حقل الدرة ملكية سعودية كويتية بالتساوي، اتجهت رغبة البلدين لتطويره واستثمار ثرواته، فهو وما يحويه ملكية خاصة لهما، ولهما وحدهما حق السيادة عليه والاستفادة منه. دخلت إيران على الخط وفق استراتيجيتها الاستباقية المعروفة بوضع اليد، وبالمطالبة بالكل حتى تحصل على ما ليس لها فيه حق، فإما الاتفاق وإما تعطيل الاستثمار، وإما صناعة أزمة تتكسب منها، وتعود إليها كلما احتاجت لها. فبعد الاتفاق السعودي الإيراني اختفت الحرب الباردة بين الطرفين، ولأن النظام الإيراني لا يعيش إلا في الأزمات، بادر لصناعة أزمة جديدة في مياه الخليج العربي.
جاء البيان السعودي كخطوة استباقية لقطع الطريق على الأطماع الإيرانية، وفي ذات الوقت للحفاظ على الاتفاق بين الرياض وطهران، ومن ناحية أخرى دعوة الأخيرة للتفاوض على ترسيم الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة بين المملكة والكويت كطرفٍ تفاوضي واحد مقابل الجانب الإيراني، وفقًا لأحكام القانون الدولي. لكن طهران تعمل وفق الاستراتيجية الإسرائيلية برفض التحاور والتفاوض الجماعي، حتى مع مجلس التعاون تتحاور مع دوله بشكل منفرد وترفض الحوار مع هذا الكيان السياسي!.
ما الذي تخشاه إيران من التفاوض على اتفاقية البحار الموقعة بين عامي 1973 و1982، والتي لم تصادق عليها إيران، وما الأساس الذي تريد التفاوض حوله مع السعودية والكويت؟ إيران تريد التفاوض مع الرياض والكويت خارج الاتفاقية المشار إليها، متكئة على خبرتها التفاوضية التي ترى أنها ستمنحها حصة مرضية لها في حقل الدرة، بينما تطالب السعودية والكويت بالتفاهم وفق هذه الاتفاقية، وعلى أساس أن الخليج العربي من البحار المغلقة، كما هو معروف لدى الجغرافيين، والأهم كما تعرفه قوانين البحار الدولية، وهذا يسقط المزاعم الإيرانية. بل يجعل هذا الحقل داخل ضمن المياه الإقليمية السعودية الكويتية.
للبحار المغلقة تعريفان؛ أحدهما قانوني، والآخر جغرافي. قانونيًا، يتمثل في سيادة الدولة على مساحة جغرافية حددتها اتفاقية الأمم المتحدة لأعالي البحار، وأما جغرافيًا فقد عرفتها الاتفاقية المشار إليها بالمادة رقم 122 بأنها البحار التي ليس لها اتصال بالمحيطات المائية إلا من خلال المضائق، هذا التوصيف ينطبق على الخليج العربي، وهو ما يسقط الدعاوى الإيرانية في حقها بحقل الدرة، ويضعها في خانة المعتدي على حقوق الدول وسيادتها.
ما مصير الاتفاق السعودي الإيراني، وهل سيتحول حقل الدرة إلى صراع دبلوماسي، أو عسكري مع الرياض والكويت؟ هذا الخلاف يشكل اختبار حقيقي لمدى صمود اتفاق بكين، ومدى حرص الطرفان على الالتزام بكافة بنوده، وخصوصًا احترام حق الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ومن وجهة نظري أنه سيصمد فالجميع بحاجة له، وقد اتضحت مبكرًا تأثيراته الإيجابية، ولكن إيران لن تتخلى عن المناورات السياسية والإعلامية، بمزاعمها في هذا الحقل تارة، وبتصريحات مسؤوليها باستخدام القوة العسكرية تارة أخرى.
قلت لصاحبي:
على المفاوض السعودي والكويتي عدم قبول التفاوض المنفرد مع إيران، مع استحضار درة ابن الخطاب -رضي الله عنه- وأرضاه في جميع الأحوال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com