المقالات

لحظة مؤقتة

“كلُّ شيءٍ في الحياة مؤقت، فإذا سارت الأمور بشكلٍ جيد فاستمتع بها، وإذا جرت على نحوٍ سيءٍ فلا تجزع لأنَّ ذلك لن يكون للأبد”.

المؤقت تفصيلٌ مُفزع إلّا أنَّه أجمل توصيفٍ في أحايين أخر، وهذا التناقض هو ما يجعل الحياة قابلةً للعيش، مُستحقةً للاحترام، إذ أنَّ التّداول رغم ما يَهُب من عدم استقرارٍ في مُجمله إلّا أنَّه تحقيقٌ لمعنى الحياة و الضّرب في مناكبها، وتحرير الفوز والخسارة والنّصر والهزيمة، وما بينها من هِممٍ ساعية، وقلوبٍ ذكية، وأرواحٍ مُتَّقدة تأخذ من الضَّعف وسيلةً لمحاربة العجز، فيكون هو ذاته وقوداً لمحاربته، وتأتي النّجاحات وإن طال عليها الأمد جائزةً لتلك الرّحلة، ودرع التّميز في ختام ذلك المسار.

لـ لحظةٍ فقط.. تخيّل!! أنَّ ما يقوله دوستويفسكي ليس صحيحاً..

الحمدلله أنَّ التَّقلُب ناموس الحياة، وأنَّ التّغيير سمةٌ لهذا الكون، وإلّا لصرّح الكثير بإعلان الانسحاب، والخروج من هذه المهزلة العبثية، الّتي لا تحتمل تصريحات الصّباح وتغريدات الشّروق.

“الشّيء الوحيد الثّابت في الحياة هو التّغيير المستمر” وهناك الكثير مما يحتمل النّقاش واختلاف التّقدير وتخالف الرّأي، ولكن هنا سنستميح الجميع لموافقة الجميع بإقرار الجميع بصلاحية ما ذُكِر وصحة ما سبق.

طرفي ما قال عرّاب النّفس البشرية كما يسميه البعض مُلهِمٌ بجميع طرقه، وفي تلك اللّحظة المُكتنزة بالضّعف تأتي كلمة (المؤقت) لتقول لك أنَّ هذا كلّه وما فيه من تفاصيل توقظ الدّمعة وتكسر القلب وتستجلب حزن الواقع والماضي توقيعٌ ختاميٌ من كلمةٍ واحدةٍ وهي (موقت).

أما ما يخصُّ اللّحظة الجميلة والتّوقيت المُحَبب فالحديث أكثر إيناساً، وأكبر حظاً في النّفس، كما أنَّه أكثر استحقاقاً في نشره ونثره وتحريره وتقريره،

ماتت تلك اللّحظات كثيراً عند من لا يُقدِّرها، وما آل إليه الأمر من عدم استحقاقها، فكانت في غير أهلها، وبأرضٍ بورٍ لا تحفظ الماء ولا تُنبت الكلأ، وباتت اللّحظة توقيتاً لتجاهلها، واستحضار ما يُناهضها، والوقوف صفاً واحداً مع من يتمنى زوالها، حتّى جسّدنا العدو بذواتنا أكثر مما جسّد العدو نفسه، وربما لفلسفة التشاؤم هنا سبيلٌ قويم، إلا أنَّنا لن نبني منها بيتاً ويكفي أن نَمُر بـ اسمها الّذي يشي بطبيعتها.

للّحظةِ الجميلة حقٌ في أعناقنا، وأول الحق انتظارها، وفي سلسلة تلك الحقوق يأتي شكرها والتّباهي بها، كما لا يفوتنا تحقيقها باستشعارها ومغالطة العقل في ضمان استمرارها، كما أنَّ لضدها كذلك حقها بعكس ما نفعل مع النّقيض.

ختاما.. “خذْ بيومِ السعدِ حدّه” وللمستقبل رب يحميه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com